تولي الصين أهمية كبيرة لإستضافتها لقمة مجموعة ال20 التي تعقد في مدينة هانغتشو ، لكن بكين تولي اهمية بقدر القيمة والحجم لزيارة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي تهدف لاستغلالها لتأسيس لشراكة إستراتيجية بين الصين السعودية.
صحيفة The Diplomat أوردت في هذا السياق مقالا ترجمته عنها الرياض بوست أكدت فيه بأنه و على المستوى العملي فقد نجحت هذه الزيارة في تعزيز العلاقات الثنائية حيث تم توقيع 15 اتفاقية ومذكرة التفاهم ثنائية شملت تفاهمات حول تطوير الطاقة و تخزين النفط و التعاون بشأن قضايا التنمية و الإسكان و الموارد المائية .
وفي ذات السياق تضيف الصحيفة بأن بكين تعلم جيدا أن الأمير محمد بن سلمان هو مركز قوة في المملكة العربية السعودية و الزعيم الأكثر أهمية في المملكة حاليا فهو قائد سياسة الاصلاح الاقتصادية والشاب الطموح الذي يبني عليه السعوديون آمالهم في تحقيق الامن الاقتصادي بعيد عن اسعار النفط، لذلك تحاول الحكومة الصينية استغلال القمة العالمية لتقريب وجهات النظر مع ولي ولي العهد السعودي في مختلف مجالات التعاون الثنائي.
هذا وتشير الصحيفة إلى أن أساس التعاون بين الصين والسعودية هو الطاقة، لسبب وجيه هو أن المملكة العربية السعودية هي أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم والصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم، لذلك فإنه ليس من المستغرب إهتمام البلدين بتعميق تعاونهما مع بعضها البعض وفقا لما تقنصيه مبادرة "الحزام ، والطريق" التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ وبرنامج "رؤية السعودية 2030" التي طرحها الأمير محمد بن سلمان.
وتسعى الصين أيضا لاستغلال هذه الزيارة لرفع مستوى مكانتها في الشرق الأوسط في حين تسعى المملكة العربية السعودية للتحوط من الرهانات في عالم متعدد الأقطاب، وخصوصا عندما تبدو الولايات المتحدة أقل استعدادا للقيام بدور الضامن لأمن السعودية وهو ما يقرب العملاقين الى بعضهما في هذه الفترة الحساسة للبلدين .
وبالعودة للعلاقة بين البلدين فالشراكة السعودية الصينية حديثة العهد نسبيا، فخلال الحرب الباردة، كانت المملكة العربية السعودية قلقة من "التوسع الشيوعي" في الشرق الأوسط، كما كانت المملكة العربية السعودية الدولة العربية الأخيرة التي اعترفت رسميا بجمهورية الصين الشعبية في عام 1990. و في عام 1999، أصبح الرئيس الصينى جيانغ تسه مين الرئيس الصيني الأول الذي يزور المملكة العربية السعودية، حيث وقع على اتفاق التعاون النفط استراتيجي بين البلدين ومنذ ذلك الحين أصبحت الزيارات لا تحصى ولا تعد بين زعماء البلدين.
إنفتاح البلدين على بعضهما البعض جعل المبادلات التجارية تصل إلى أكثر من 70 مليار دولار بحلول عام 2013، لتتجاوز بذلك قيمة المبادلات السعودية الامريكية، حيث أصبحت الصين أكبر عميل للسعودية في النفط كما اصبحت المملكة العربية السعودية بدورها أكبر مزود للنفط للصين، حيث لبت نحو 20 في المئة من الطلب الصيني في بداية هذا العام.
و بعد زيارة شي إلى الرياض، وهي أول زيارة رسمية للرئيس الصيني إلى الشرق الأوسط بعد توليه مهام منصبه في عام 2013، اتفقت الدولتان على شراكة استراتيجية أكثر شمولا من شأنه أن يشمل التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية ، والمجالات العسكرية. ويعتقد العديد من المحللين أنه من المرجح أن يتعزز التعاون السياسي بين المملكة العربية السعودية و الصين بسب توتر العلاقات السعودية الامريكية بعد رفع العقوبات على إيران.
إلى ذلك تشير الصحيفة إلى أن هناك عدة عوامل تعقد الشراكة الثنائية بين الصين والمملكة العربية السعودية فمن جهة تبدو الصين مهتمة بتحسين العلاقات مع إيران، "العدو اللدود" للمملكة العربية السعودية في الوقت نفسه،الذي أظهرت الصين بأنه لا رغبة ولا قدرة لديها للسيطرة و تعويض الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في الوقت الراهن في المنطقة، رغم أن مبيعات الاسلحة الصينية للرياض ارتفعت منذ عام 2011 بصفة ملحوظة من رغم ان واشنطن ما زالت المزود الاول للسعودية من حيث الاسلحة لذلك من المتوقع ان تحافظ الولايات المتحدة على دورها العسكري مع السعودية في ذات الوقت الذي ترتفع فيه اسهم التعاون الاقتصادي الصيني السعودي.
عامل آخر يمكن ان يعيق التعاون الثنائي هو ان المصالح السعودية في آسيا لا ترتكز فقط على الصين، ولكن أيضا اليابان، التي ينظر إليها من قبل بيكين كمنافس في شرق آسيا، ومن المثير للاهتمام، أن يتم ترتيب زيارة الأمير سلمان للصين واليابان في وقت واحد تحاور فيه المملكة العربية السعودية الحفاظ على التوازن بين الصين واليابان كحلفاء.
وتختم الصحيفة مقالها بالتأكيد على أن التعاون والتنسيق الثنائي بين الرباض وبكين في تطور ونمو ملحوظ وهو ما قد يساهم انخراط البلدين في دعم مبادرة الطريق والحزام الصينية ورؤوية السعودية 2030 في تعزيزه ليكون الحلف السعودي الصيني واحد من أهم التحالفات الاستراتيجية المستقبلية في المنطقة.