لا يمكن أن تكون متذوقاً لكرة القدم فضلاً عن كونك عاشق ومتابع لها دون ان تقف دقيقة فخر على أعتاب المتعة لتصفق بحراره لمكينة صنع الفرح في الشرق الأوسط.
نعم يا صديقي أحدّثك عن عمر عبدالرحمن، عمر الذي أبت القارة الصفراء إلّا أن يكون لها ملكاً، هذا الفتى ليس مجرد لاعب يركل الكرة لتعود له بالمال، بل قاتلٌ محترف يملك أقداماً من حرير تملأها المسامير، بها يسقط الخصوم، فكل تمريرة بمثابة الخطر بعد الوقع، محبوه يهللون ، وخصومه أيضاً يهللون، فتلك الملامح لا يمكن أن تجعلك تعقد حاجبيك حسرة.
في عام 2008-2009م كان لقاء العين والأهلي في أول دوري للمحترفين، وكان الشهير عامر عبدالله يصف لمن هم خلف الشاشات مالم تستطيع عقولهم على استيعابه من متعه ونديّة، حتى أرسل عمر أول سهم له في مرمى الأهلي مخترقاً حاجز العادة وصائداً بذلك أولّ فرائسه، فصاح عامر: الله عليك يا "عموري"، هذا الاسم لم يكن محضراً من قبل، بل هو نتاج ذهول مما فعله هذا القصير المكير طيلة المباراة، فتعلّق كلٌّ منهم بالآخر.
لا يملّ ولا يكل المشاهد لهذا العاشق في كل مباراة يلعبها من السؤال المتكرر: كيف مررها بتلك السلاسة..!
جسده النحيل بعد خلقه النبيل يجعله لطيفاً حتى مع تلك الكرات، هو لا يؤذيها، بل يرسلها بقدمٍ حرير..
هي أيضاً تحبّه جداً، تتهادى خجلاً قبل أن يستقبلها، وبكل ود بقدميه يقبلها..
لا يهم أن تلعب كرة القدم، بقدر ما يهم أن تجعلنا نعشقها، تماماً كما يفعل هذا الماهر.
مسرح هزّاع بن زايد ومن قبله القطّارة، كان شاهداً على كل ما قدّمه هذا الموهوب، الذي لا يخفي دائماً حزنه، ولا تطيعه دمعاته عقِب كُّل لقاء يخرج أصدقائه عن سيناريو الفرح الذي رسمهُ لهم.
كان ولا زال عمر في كل مرة تلامس الكرة قدميه يسحر قلوبنا قبل أعيننا، حتّى يخيّل لنا من فنّه أنّها "كذبة".
و خيرُ إيجازٍ على إنجاز عمر، لغة الإعجاز التي تتقنها قدماه.
ختاماً..
آلة الزمن ليست كذبة، فـ عموري قادر على إعادتك للماضي بتمريرة، وقادر على إرسالك للمستقبل بتسديدة.