لقد بلغ الاختلاف والخلاف نقطة اللاعودة لهذه الأمة، ولا نستطيع أن نحدد أي أمة نقصد أحياناً، هل نقصد الأمة العربية التي ركعت للجميع إلا لله، وللحق الواضح (والعياذ بالله)، أم للأمة الاسلامية التي بدأ جزء عظيم منها يستبدل قناعاته الروحية، وعقيدته السماوية ببضع أفكار لدعاة خرجوا علينا بسنن وتعاليم جديدة، وموانع كثيرة، حتى اصبح الحكي (السواليف البريئة) تحتمل الذنوب وعظائم الامور، مما تتطلب السعي للاستغفار والتوبة والنقاء من الذنوب.
لقد تجاوزت الأمتان العربية والإسلامية قدرة العقل البشري البسيط لتمييز الأشياء التي تحدث حوله، فلم تعد عقولنا تستوعب كل ما يطرح من مواقف واستراتيجيات وطنية، أو سياسيات عربية، بل ويصعب على الكثير منا تحمل فكرة النهوض بالعرب وقيادتهم إلى مستقبل افضل، ولكن نجد التاريخ يشد الكثير منا إلى الماضي الزاخر بالعبودية وحب الملذات.
أما الإسلام فأصبح له أكثر من مرجعية، وملايين الدعاة، ومن المؤسف بل ومن المخجل أن القران الكريم والسنة النبوية الشريفة لم تعد المرجع للبعض، بل أصبح آراء البعض من الدعاة مقدمة على النصوص الشرعية الصريحة، مما أدى إلى هروبهم من الدين الحقيقي الذي لم يعد يسمعون عنه بصدق، وكما ينبغي اسلامياً على اقل تقدير، وانطلقوا لتحقيق ملذات أخرى (حب الملذات)، وسبب ذلك انه ليس هناك مصداقية لما اصبح مسلسل ما يتواتره البعض عن السلف الصالح، لسوء ناقليه وعدم الثقة بهم.
لذا؛ نحن نعيش اليوم حالة اللامعقول كأفكار ومبادئ وأسلوب حياة، فالصادق الامين يُهمش أو نحاول تجنبه، والمنافق الضليع مُقرب ويُستند اليه، والجاهل البليد نجده في صدور المجالس ليمنح أسياده راحة نفسية متناقضة.
عليه؛ يتوجب عدم السعي لاعادة ماضينا وتحقيق مبتغياته وعناصره التي يعتقد البعض انها اكثر قوة ونقاء، او انها ستجلب عوامل تحقيق الطموحات، ولكن علينا السعي وبكل جد واجتهاد تعديل مسار الحاضر، وتحسين معطياته واستبدال السيء منه بِما هو افضل واكثر أمناً وأمانا.
وكذلك الاستفادة من عناصر المستقبل المُحتملة وتطويعها لتخدم ضوابط إستقرار الأمة، وضمان ازدهارها، وبقائها بدرجات اكبر وأفضل واكثر عدلاً، احتراماً للذات وتقديراً للآخرين.
إن نقاء الانسان ليس بأصوله ولا (بفصيلة دمه) فقط، ولكن بعلمه وأخلاقه وثقافته، واذا كان العلم والثقافة لا تخدمان الآخرين، فلسنا بحاجة لهما، ونقاء دين الانسان وقوة إيمانه إذا لم تكن من الله ولله وحده وفي محبة الآخرين، فذلك ايضاً قد يصبح وبالاً على تابعيه ومن يقف معهم او حولهم، سواء كحماية او نفاقا لضمان شيء ما، لا الانسانية ولا الاخلاق ولا احترام الآخرين المتبادل منها.
ولنا في احداث العالم كله، وبكافة اديانه وثقافاته وتقدمه واساليب حياته، عبر وأمثلة كثيرة يندى لبعضها جبين العاقل والمؤمن والصادق الأمين.
والله من وراء القصد.
(محلل عسكري وإستراتيجي)
كلام رائع، سلمت يداك. لطالما انشغلت مختلف الأمم بفرط التغني بالماضي وتمجيده دون مواكبة كافية للحاضر والحرص على مستقبل مزدهر وتكوين مثال يحتذى به ويُبنى عليه جيلًا بعد جيل. العمل الدائم المثابر للأفضل يجب أن لا ينقطع.