2016-12-30 

#الإسلام دين التسامح

اللواء الطيار الركن (م) بدر بن فهد العثمان

من اعجب ما تابعت؛ ان البعض من اسيا وأوروبا والأميركيتين وأستراليا والذين هداهم الله الى اعتناق الاسلام، يعترفون بان من قادهم الى ذلك هو سماعهم لقاريء (مجرد قاريء بصوت عذب) للقرآن الكريم، او سماعهم لمؤذن وهو يعلن عن وقت احدى الصلوات، او عند تعاملهم مع بعض المسلمين الصادقين المعتدلين إسلامياً وأخلاقياً، وبتميز اخلاقي وإيماني وتعامل ديني صادق.

 

وفي الطرف الاخر هناك البعض ممن يتابع ويسجل ماذا يفعله بعض المسلمين دعاة ومشايخ من تشدد قاد الى ان يتجاوز جماعات نتجت عن ذلك التشدد حدود الرحمة الاسلامية، الى حد قطع الرؤوس، وتكفير من يخالفهم او يختلف معهم، والتمثيل بالبشر وحرقهم احياءً نتيجة ذلك الاختلاف العلمي او الفكري او التربوي او النفسي؛ وهذا التشدد الغير محسوب قاد بعض الأجانب للانضمام الى تلك الجماعات الخارجة عن النهج الاسلامي الصحيح وعقيدته السمحة، من أمثال الجماعات المنحرفة خلقاً واخلاقاً وايمانا، والتي يعاني منها العالم برمته، مسلمين وغيرهم، حيث ظهروا علينا بدين إسلامي ولكن بعقيدة ونهج مشوه ومختلف، لا يرضي الله ولا رسوله ولا عباده الصالحين. فنراهم وقد اتخذوا الاسلام مطية للانتقام والقتل بالسيطرة وحب التسلط الديني فالسياسي ثم الأمني للتفريق بين العباد لفرض نظام جديد من الفوضى والبلاء على العالم، واكثر المتضررين من هذه الفوضى المدمرة، هم فقراء المسلمين، من فقراء العرب. 


العجيب هنا هو الفرق الشاسع بين من دخل الاسلام رغبة في السكينة والاطمئنان والانتماء الروحي والديني والعاطفي الذي يحمي روح الانسان ويطهر جسده من عبث وشرور الدنيا وفساد بعض مباهجها. بينما هناك من يدخل الاسلام لأنهم رأوْا رؤوس تقطع، وبشر يتم التمثيل بهم كوسيلة وحشية للانتقام. هنا تدخل النفسية البشرية لأشرار نشأوا في دنيا جديدة، لم ندرك انحرافهم، ولم نستدرك انفلاتهم، الا بعد ان تمكنوا من دنيا مختلفة تماماً، ومليئة بالمتناقضات العقلية والعاطفية والدينية. والحديث الشريف ذكر نوايا الانسان، وذلك منذ ظهور الدين الاسلامي العظيم، حيث: "...فمن هاجر لله ورسوله، فهجرته لله ورسوله، ومن هاجر لدنيا يصيبها او امرأة ينكحها، فهجرته الى ما هاجر اليه..." او كما جاء بالحديث الشريف ومعانيه الجزلة والعميقة والكريمة. 

 

فعلينا وقبل ان نحكم على المسلمين الجدد، ونقدّم لهم اجمل آيات الإعجاب والفخر والاعتزاز والثناء، وايٍ كانت جهة قدومهم او نوايا توجهاتهم، وقبل ان نرفع من أسهمهم او نأخذهم كأمثلة حية لنا اسلامياً، لمجرد حداثة دخولهم ديننا الحنيف سواء رغبة ومحبة، او فرصة لقضاء غرض مبطن؛ فنحن المسلمون وآبائنا وأبناؤنا وعلماؤنا ومشائخنا، والكثير ممن يدعو الى رفعة الاسلام وتعاليمه وثوابته بصورة جاذبة وحقيقية ومقبولة، هم الأساس والاصل والمرجعية الدينية الثابتة لنا ولأبنائنا، ونحن احق بان نحترم ونقدر ونتخذ قدوة ورمز للتمسك بالعقيدة الصحيحة، وممارستها لتعاليم ديننا الحنيف بكل أدب وطهر وانضباط إيجابي معتدل. وليس من دخل الاسلام حديثاً لان الاذان أعجبه عندما استمع تلى احدهم وهو يعلن عن وقت الصلاة، او انه قرأ أية من القران العجيب فأعجبته تلك الآية وأعلن إسلامه، بينما لا نعلم الي اي منقلب هم سينقلبون. 


الاسلام ليس دين فرد او جماعة بعينهم، يفعلون به ما يشاءون، يحرمون ويحللون حسب أهواءهم، الاسلام رسالة سماوية جميلة ونقية وعميقة وذات مجهود بسيط عند الأداء، عظيم في الأجر وفي المقام، نزلت الى عبد من عباد الله، فأُمرنا باتباعه واتباع سنته التي أمره الله بها، صلى الله على سيدنا ونبينا ورسولنا وقدوتنا ومعلمنا الاول، محمد بن عبدالله وسلم تسليماً كثيراً، والسعي لنشر مزايا هذا الدين الجميل بحقائق جماله، وليس بأسباب انتقامه.


نحن اليوم في مفترق طرق مصيرية، بين الحق بجميع صوره ومعانيه، وبين الظلم (الباطل) بجميع وسائله واساليب متخذي واجب نشره وسيلة خاصة بهم، لمآرب اكثر خصوصية وفضاعة منهم.


 لذا فالعودة الى كتاب الله المقدس، والتمسك بتعاليمه الشرعية، والتمسك بأصل وحقيقة سنة نبيه محمد عليه افضل الصلاة والسلام من قول وفعل وعمل. وترك ما لا يقبله العقل وما لا يستطيع القلب التعلق به دون تدقيق ومراجعة وجهد مهدر، سيقود الى ارباك روحاني وديني وإيماني، فالله خلق الأعضاء البشرية لتفيد الانسان وتخدمه، كما وتشهد عليه في يوم الشهادة العظيم؛ لذا استفت قلبك، واحفظ لسانك، وغض بصرك، واضبط مشاعرك، والتزم بما شرعه الله لك، وما سنه محمد عليه افضل الصلاة والسلام التمسك به، ولا تدع إذنك سماعة لكل كلام، ولا تسمح لقلبك وروحك بالتنقل هنا وهناك بما تهوى وتحب، وعصيان ما لا يتفق مع رغباتك وشهواتك. فالدين أساس وتعاليم وثوابت، ان أردت حياة قويمة ومستقيمة، ورجيت حب الله ومكافئته بجنات النعيم، فحافظ على ما يحقق ذلك، دون وسيط او واسطة سوى ما قاله الله تعالى بكتابه الكريم، وما سنه عبده وحبيبه سيدنا ومعلمنا وقدوتنا محمد بن عبدالله عليه افضل الصلاة والسلام خاتم المرسلين.
والله الهادي الى سواء السبيل.

بدر العثمان محلل استراتيجي وعسكري 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه