حينما هاجم وباء ايبولا ثلاثة دول فقط في غرب أفريقيا، أصابت باقي الخمسين دولة في القارة السمراء أعراض جانبية بالغة. ربما لم يتعدى الفيروس حدود كلا من سيراليون، وغينيا، وليبريا، لكنه أصاب أفريقيا اقتصاديا، إذ وفقا للارقام الصادرة عن المنظمة العالمية للسياحة التابعة للأمم المتحدة، فإن افريقيا استقبلت في العام 2014 حوالى 56 مليون سائح، مسجلة بذلك أدنى نمو في قطاع السياحة نسبته 2%، وهو الأدنى بين سائر القارات في العالم. فقد سجلت أوروبا نموا بنسبة 4 %، وآسيا نموا بنسبة 5 %، أما النمو السياحي في القارة الاميركية فبلع 7 %. وكان النمو السياحي في افريقيا جيدا في العام 2013، أي قبل انتشار حمى ايبولا، إذ بلغ نسبة 4,8 %، لكن انتشار المرض اطاح بهذا الواقع في العام 2014. ويقول طالب رفاعي الأمين العام للمنظمة العالمية للسياحة "جرى ربط مرض ايبولا بجمل القارة الافريقية بشكل غير عادل، لقد كان هذا التعميم ظالما جدا". وتقول ماري فرانس اديم - ندجا المسؤولة في المكتب الوطني للسياحة في ساحل العاج لوكالة فرانس برس "الغيت حجوزات بسبب الخوف من الوباء، علما أن ساحل العاج لم تسجل أي حالة من الإصابة به". ففي كينيا، أثر الخوف من المرض على قطاع السياحة إذ الغيت الكثير من الحجوزات، بحسب مسؤول في القطاع طلب عدم الكشف عن اسمه. وقال "للأسف لم يسأل الزبائن شيئا عن المرض، بل قرروا من تلقاء أنفسهم الغاء رحلاتهم". ولا يرى الخبراء أن هناك ما يبرر هذا الخوف من زيارة دولة مثل كينيا "تبعد عن غرب افريقيا أكثر مما يبعد غرب افريقيا عن اميركا الشمالية"، بحسب تعبير طالب رفاعي. لكن دولة مثل ناميبيا نجحت في تجنب هذه الاثار السلبية، فقد عمدت سلطاتها على الفور إلى التعميم على وكالات السياحة بضرورة إفهام السياح أين يقع البلد" وأنه بعيد عن منطقة انتشار ايبولا أكثر مما تبعد اوروبا عنها". وبفضل هذه الاجراءات لم يسجل في ناميبيا أي انحسار ملحوظ في الحركة السياحية. وللتصدي لهذا الخلط وعدم إلمام السياح بالواقع الجغرافي، أنشئ موقع الكتروني بهدف الترويج السياحي لدول الغرب الافريقي التي لم تصب بايبولا مثل السنغال وبنين وبوركينا فاسو. وقد أودى المرض بحياة تسعة الاف و800 شخص بحسب الاحصاءات، فيما يشير البعض إلى أن الارقام الحقيقية أكبر من ذلك. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فان 24 الف شخص أصيبوا بالمرض معظمهم في هذه البلدان الثلاثة. وكان تأثير المرض أقسى ما يكون في الدول التي انتشر فيها المرض، مثل سيراليون، فقطاع السياحة فيها لم يبدأ بالازدهار سوى بعدما وضعت الحرب الأهلية التي اندلعت في مطلع القرن الحالي اوزارها، فكانت تسجل نموا بنسبة تفوق 10 % سنويا في عدد زوارها الاجانب، لكن انتشار المرض جعل الحركة السياحية تتدنى بنسبة 46 % في العام 2014. ومع العمل الحثيث على تطويق المرض، يأمل المسؤولون في هذا البلد، وفي غيره، أن يحمل العام 2015 نتائج مختلفة في قطاع السياحة وفي اقتصاد البلاد بشكل عام.