هذه رسالة الى الزميل حازم صاغية تعليقا على مقاله عن جريدة ( السفير ) المنشور اليوم في الحياة ...
الصديق العزيز حازم ،،،،
استمتعت جدا بمصارحتك ل ( السفير ) .
منذ اعلان هذه الجريدة عن توقفها الحتمي توالت مقالات رثاء تشبه تلك التي تلي غياب الزعماء ، وتنشر في الصحف الرسمية و تستند الى وصية ( اذكروا محاسن موتاكم ) .
السفير نشأت، كما قلت انت، لتصبح ( صوتا نضاليا يعرف الحقيقة اكثر مما يخبرها ) ، لكن النواح بمناسبة غيابها تحدث باعتبارها صوتا نضاليا حقيقيا وفريدا ، على الرغم انها كانت حزبا على الورق ، و( شابهت الأحزاب النضالية اكثر مما شابهت المهن ) ، فضلا عن انها تمادت في السنوات الاخيرة في ذبح الموضوعية بشراسة ، وتغافلت عن ذبح الأبرياء ، ومجدت القتله ، وعلى نحو يعد سابقة في الكفر بالقيم الانسانية ، وتقديس الدعاية ، وتدمير المعايير والقيم المهنية ، ورغم انها ، كما ورد في مقالك ( المكان الذي أسست فيه الكتابة التحليلية في الاعلام اليومي اللبناني ، بعدما طغت الكتابة الانشائية طويلا ) ، فهي أصبحت ، في السنوات العشر الاخيرة ، المكان الذي استبدل الدعاية بالمعلومة ، وجعل الرأي احد معايير الخبر ، واجهز على الموضوعية ، فضلا عن ما يسمى الحياد المهني .
لاشك في ان الصحافة هي ( فن الممكن ) كما يقول ألبرت هيستر ، لكن السفير بحسب وصفك البليغ قامت على ( تسوية ) جعلت الصحافيين فيها ( لا يكتبون ما يؤمنون به ) ، وهذه التسوية لا تشبه قاعدة استاذ الصحافة ( ألبرت هيستر ) ، ولا تفضي الى نتائجها .
الاكيد ان ( اقفال السفير مؤشر الى اقفال زمن سعينا جميعا للإخلاص منه ) ، لكن المؤسف ان هذا الزمن ولد ازمنة أشد قسوة وعنفا منه ، والسفير احد رواد تدمير قيم الصحافة ، والمعايير التعيسة التي يستند اليها الصحافيون والصحف في هذه الأيام .
العزيز حازم ، ارى في هذه المصارحة ، المبدعة والمختصرة ، نواة كتاب عن ال 43 عاما التي مرت بها الصحافة اللبنانية .
أشكرك ، صنعت يومي بهذا النص الجميل .
داود الشريان