صحيح أن الملاك السعوديين يحرصون على جلب أسماء خيول ذات سجل حافل في المضامير العالمية من أجل المنافسة على سباقات الكؤوس والبطولات الكبرى، التي ينظمها نادي الفروسية بالرياض على أرض الميدان الشاب ميدان الملك العزيز بالجنادرية، لكن هذا الأمر ومن خلال أكثر من نصف قرن لم يكن مطلقاً وسيد الموقف في حسم النتيجة للباحثين عن تلك البطولات والتاريخ والمجد الفروسي، حيث بقيت رغبة الاكتشاف وسبر أغوار بناء مستويات الخيل وإعادة اكتشافها ، والاستفادة منها في تحقيق البطولات الكبرى بالميدان السعودي، أمراً يدعوا للإعجاب والحديث عنه.
يأتي ذلك بعد أن تكررت حالات عديدة نجحت من خلالها الإسطبلات السعودية في استقطاب جياد ذات مستويات متوسطة، وحققت معها أغلى البطولات والعديد من السباقات المهمة، بعد أن نجحت في إعادة بلورتها من خلال تغيير ثقافة التدريب التي كانت عليها في بلادها السابقة.
لقد أجادت الإسطبلات السعودية في ذلك الأمر، ووفرت الكثير من الأموال والجهد والوقت في البحث عن النجوم، ولعل ما يميز ذلك أن هذه الاكتشافات جاءت غالبيتها بلمسات مدربون سعوديون، استطاعوا أن يضعوا أيديهم على مكامن الخلل، ويصححوا المسار، لتخرج الكثير من الجياد بثوب آخر تماما، عن ما كانت عليه في سباقاتها الدولية الماضية.
و من هذه الاكتشافات حينما حلق الإسطبل الأحمر الذي يعد من أكثر الإسطبلات السعودية شهرة، والذي يملكه عاشق الخيل الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز، في مساء الحادي عشر من فبراير الحالي، بكأس الملك في نسختها 51 ، والثانية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مع جواده الذي تألق في ساحة الميدان ذلك المساء الممطر بريفوت دانسر، ليحقق البطولة 13 في تاريخ إسطبله العريق، بعد أن قدما عرضه على الطريقة الأمريكية التي تعتمد على المبادرة في التصدر طوال مراحل السباق على المسافة الأطوال بالميدان مسافة 2400 متر، بخطوات واسعة ومتناسقة عجزت عن مجاراتها بقية الخيل المستوردة والقادمة من بلدان متنوعة من أنحاء العالم.
لقد جدد البطل الجديد بريفوت دانسر ذو اللون الأحمر والسنوات الخمس على تلك الإجادة للإسطبلات السعودية، فلم يكن يمتلك سجلا في السباقات يقنع الراغبين في شراءه من المزاد البريطاني الشهير تاتير سيلز في مدينة الخيل نيوماركت في شهر اكتوبر 2015، حيث كانت درجته تصنيفه في التقييم الدولي لخيل سباقات السرعة لا تتعدى 81 درجة من خلالها فاز بسباق واحد على مضمار تشلميسفورد البريطاني.
إلا أن عين إدارة الإسطبل الأحمر والمتمثلة في المدير الفني سعد بن مشرف وقعت عليه، وهو متواجد في ذات الغرفة التى كانت تستضيف بطل الداربي البريطاني والآرك الفرنسي العالمي الشهير جولدن هورن في مزاد سابق، ووجدت في ملامح بنيته الضخمة وخطواته الطويلة أثناء الفحص، رؤية مختلفة عن سجله في السباقات، وربطت بين تلك المواصفات تناسبها مع مواصفات تصميم مضمار ميدان الملك عبدالعزيز بالجنادرية، الذي يحتاج جياد تتحمل المنعطفات الواسعة، لتسهل عليه عملية التصدر في السباقات منذ بدايتها وحتى نهايتها، لتنجح في نهاية الأمر في كسب الرهان في إعادة اكتشاف جواد بات مهماً داخل عرين الإسطبل الأحمر العريق، وأستطاع معه أن يكون نجماً في تاريخ المناسبة.