باتت اليونان مصدر قلق كبير لدى أوروبا التي تضغط على البلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية لأكثر من ستة أعوام من أجل تنفيذ خطة إصلاح اقتصادي ينتشله من عثرته بمعايير غربية، في الوقت الذي تخشى فيه من استغلال روسيا الخصم اللدود لأضعف حلقات الاتحاد الأوروبي من أجله اختراقه. يشير تقرير أعدته شبكة بي بي سي إلى أن ضعف الدولة، وخروجها من منطقة اليورو وربما الاتحاد الأوروبي، سيزيد من احتمالات توثيق اليونان لعلاقاتها مع روسيا. وبالرغم من أن اليونان قد تنظر إلى موسكو كورقة مساومة، إلا أن البعض يخشى من أنها تتحرك بعناد بعيدا عن الغرب باتجاه حليف أكثر عطاء، ومستثمر ودائن محتمل، بحسب ما يشير التقرير. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد قدم لقبرص مزيدا من الاستثمارات وشروط سداد أفضل لقرض بقيمة 2.5 مليون يورو الشهر الماضي، لكن لم يحدث هذا إلا بعد أن وافق الرئيس نيكوس اناستاسيادس على دخول سفن عسكرية روسية إلى الموانئ القبرصية. وبالنسبة لكاراجيانيس، متخصص في السياسة الخارجية الروسية، ما يهم هو أن اليونان مندمجة تماما في الغرب، لكنه حذر من التقليل من مخاطر خروج اليونان من منطقة اليورو. وقال لبي بي سي "بالتأكيد خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي قد يذكي المشاعر المعادية للاتحاد الأوروبي بين اليونانيين. معاناة اليونان من العزلة والضعف قد تهدد استقرار المنطقة برمتها." في المقابل يتوجه قريبا عدد من أعضاء مجلس الوزراء اليوناني إلى العاصمة الروسية موسكو. وفي شهر مايو القادم، سيستضيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس، يرافقه شريكه في الائتلاف بانوس كامينوس، وزير الدفاع وزعيم حزب "اليونانيون المستقلون" اليميني الشعبوي. ويرى محللون أن هذا التوقيت له دلالاته، إذ أن تمديد خطة إنقاذ اليونان ينتهي بنهاية يونيو ، والسر الأسوأ الذي لم يعلن عنه في بروكسل هو أن أثينا ستحتاج إلى قروض جديدة. رسميا، اليونان لا تبحث عن مصادر بديلة للتمويل، لكن الحصول على قرض من روسيا، أو ربما من الصين، قد يبدو بديلا أكثر ملاءمة - أو على الأقل مكمل - لأي خطة إنقاذ جديدة من منطقة اليورو متضمنة كافة التدابير والإصلاحات التي لا تحظى بشعبية. وقد تتطلع اليونان للحصول على غاز أرخص للأسر التي تعاني، والسياحة والاستثمارات الروسية المتزايدة للحصول على دفعة اقتصادية هي في أشد الحاجة إليها. وفي المقابل ستكافأ موسكو بحليف وصديق لديه الحق في استخدام الفيتو داخل الاتحاد الأوروبي في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر بشأن الأزمة الأوكرانية. البطاقة الروسية باتت نية الحكومة الجديدة لتوثيق العلاقات مع موسكو واضحة بمجرد فوز حزب "سيريزا" اليساري في الانتخابات التشريعية في 25 ينايرالماضي. فبعد 24 ساعة، كان أول مسؤول يزور رئيس الوزراء المنتخب حديثا هو السفير الروسي، في حين مر يومان قبل أن تقدم المستشارة الألمانية انجيلا ميركل التهنئته في برقية فاترة نوعا ما. وعندما تولى منصب وزير الخارجية، شكك نيكوس كوتزياس في مبررات وجدوى العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا بشأن الأزمة الأوكرانية، كما دعا وزير الدفاع، منذ اليوم الأول، لإقامة علاقات أقوى مع موسكو. ومثل معظم أعضاء حزب "سيريزا"، نجد أن تسيبراس وكوتزياس ينحدران سياسيا من الحزب الشيوعي اليوناني المؤيد لروسيا. وعلاوة على ذلك، يتمتع كامينوس، وغيره من السياسيين الأوروبيين من اليمين المتشدد، بعلاقات قديمة مع روسيا.