تثبت المملكة العربية السعودية في كل يوم بأنها واحدة من أهم الدول في العالم، حيث لا يقاس تأثيرها على المجال الإقليمي بل العالمي أيضا، كما يقرأ لها ألف حساب في كل قرار يهم المنطقة والعالم الإسلامي، وهي القيمة التي تأكدت بتحطيم المملكة لخطة أوباما دون خوف أو تردد أو إملاءات.
موقع Defence Bakistan أورد في هذا السياق تقريرا ترجمته عنه الرياض بوست أوضح فيه إلى أنه و بينما تستجيب بعض الدول للأوامر الأمريكية عبر الهاتف فقط، فقد واجهت السعودية مشروعا كبيرا بقيادة الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما وحلفائه الجدد على مدى السنوات الست الماضية.
وكان مشروع أوباما يستند حصرا إلى دعم إيران، والتعاطف مع الميليشيات وتدمير بلدان المنطقة، كما قرر الرئيس الامريكي ان يقدم دعما مباشرا للمنظمات الشيعية المتطرفة وتنظيم جماعة الاخوان المسلمين أينما كانوا كما لم يتوانى على إظهار تعاطفه المشبوه مع الحركات الشيعية المسلحة في البحرين.
و بعد أسابيع من الحرائق والهجمات على رجال الأمن التي نفذتها الميليشيات الشيعية ضد الحكومة البحرينية قررت المملكة العربية السعودية عدم قبول هذا السخط من قبل أحد أهم حلفاء الخليج وتدخلت مباشرة في البحرين، غير عابئة بغير الأمن الخليجي حيث قالت هيلاري كلينتون في كتابها "الخيارات الصعبة" إنها اتصلت الأمير سعود الفيصل عشية دخول القوات السعودية إلى البحرين، حيث أخبرها الأمير سعود أن السعودية غيرة مستعدة لقبول أي حديث، ولا تبالي بأي جهة تهدد الأمن الخليجي وبأنها "لن نتنازل ابدا عن امن البحرين ولن تسمح ابدا لايران بالتلاعب بها".
من جهته يقول محلل أمريكي أن هذا التدخل يعد أول صفعة سعودية في وجه أوباما، الذي شعر بقلق كبير من الجرأة السعودية غير أنه كان مصرا على متابعة خطته لكسر احتكار السعودية الناعم لمصير العديد من القضايا في المنطقة حيث يقول أحد المفكرين المصريين متحدثا عن الوزن النسبي للبلدان " إن العالم يتعامل مع الدول حسب وزنها النسبي، أو بمعنى ما إذا كانت القوة والسلطة في المنطقة 100٪، كم هي نسبة كل بلد في تلك المنطقة؟ وبعد ثورة 30 يونيو في مصر، والثورة الشعبية التي تلتها قرر الرئيس الأمريكي وحلفاؤه الليبراليون تدمير مصر تماما، غير أن السعودية التي تعرف جيدا كيفية التعامل مع الغرب صدحت بصوت عال أي خفض للمساعدة بالنسبة لمصر سيتم تعويضها من قبل المملكة.
و في سياق متصل توجه الامير سعود الفيصل الى باريس ليقول للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن العلاقات الاقتصادية والعسكرية والسياسية مع السعودية لن تدور سوى حول نقطة واحدة وهي منح مصر فرصة لتطبيق خارطة الطريق. وبالتالي، فإن المملكة العربية السعودية قد كسرت الإجماع الغربي الذي قاد أوباما ضد مصر ، كما تحدت السعودية جلسة الاتحاد الأوروبي بعد يوم من فرض العقوبات على مصر، لتخرج القاهرة من القفص الكبير الذي وضعه فيها أوباما وحلفاؤه بعد أن حقق سعود الفيصل في ذلك الوقت ما فشل في تحقيقه وزير الخارجية المصري آنذاك مصطفى حجازي.
وجاء الاتفاق النووي مفاجأة لكثير من دول الخليج حيث إعتقد الرئيس الأمريكي أنه عبقري ذكي ويمكنه استخدام نفوذه لتحقيق فوز تاريخي أمام السعودية على أساس أنه سيدخل التاريخ كصانع للسلام ، حيث أكد في مقالته الشهيرة مع سي إن إن، أن على دول الخليج أن تتعايش مع إيران.
و لم تكن هذه هي الخطوة الأولى التي دفعت السعودية إلى الوقوف تماما أمام مشروع أوباما، حيث عبرت السعودية لواشنطن وإدارة أوباما عن غضبها قبل توقيع الاتفاق النووي ، ذلك أنه و عند هبوط الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الرياض للقاء الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، فوجئ بإهمال سعودي، واهتمام واستقبال محدود و برؤية أن الوفد كان ينتظره كان يقوده الأمير خالد بن بندر أمير الرياض في ذلك الوقت.
وكان لهذه الزيارة تأثير كبير على الجانبين السعودي والأمريكي حيث أكد الأمير تركي الفيصل في مقاله المعنون "لا، سيد أوباما" بأن الرئيس الأمريكي تحدث إلى الملك عبد الله عن نجاحه في الحفاظ على أمن المنطقة من خلال اتفاق كيميائي عمل مع الروس والسوريين، مما جعل العملية العسكرية ضد نظام الأسد غير ضرورية، مضيفا صحيح أن الأسد خرق خط أوباما الأحمر، لكنه دفع ثمنا باهظا من وجهة النظر الأمريكية، أي سحب الأسلحة الكيميائية من يديه وإضعاف قواته المسلحة، لكن الملك عبد الله قاطع الرئيس الأمريكي بغضب، وضرب بيده على الطاولة قائلا " لا خطوط حمراء أخرى منكم، سيدي الرئيس."
وقد كانت هذه الكلمات الغاضبة من الجانب السعودي لحظة تغيير في الطريقة التي ينظر بها الأمريكيون والسعوديون لبعضهم البعض، حيث علم اوباما أنه لم يعد من الممكن بيع الخطاب للسعوديين، وقد تعلم السعوديون أن اوباما رئيس لا يمكن استثماره ولا التعويل عليه، بكا أنه غير قادر على الوفاء بالتزاماته تجاه حلفائه.
و قد أظهرت حينها صورة التقطها مصور أمريكي لأوباما ومستشارته سوزان رايس بعد دقائق من الاجتماع مع الملك عبد الله وجوههم شاحبة في دلالة على قوة الصفعة وحجم الغضب السعودي المفاجىء.
بعد ذلك عاد أوباما لرسم نظريته حول الشرق الأوسط و القائمة على أن دول الخليج يجب أن تعتاد على إيران لكنه نسي أنه يتعامل مع واحدة من أهم الدول في العالم، وأنه و إن كانت أمريكا قوة عظمى فإن المملكة العربية السعودية تعد الحليف الأهم بالنسبة لها ، وأن العلاقة بين البلدين مشتركة و مهمة بالنسبة للطرفين فكما يقول الأمير بندر نقلا عن الملك فهد "نحن حلفاؤك وأنت حلفاءنا، نحن أصدقاء، ولكن هناك شيء يسمى السيادة ولن نعرض سيادتنا للخطر حتى لأصدقائنا الأعزاء."
و مباشرة بعد هذا الاجتماع، تحدثت العديد من التقارير الإخبارية عن توجه الولايات المتحدة لتوجيه دعم سري لإيران ، حيث اكتشف الرئيس اليمني الذي تعرض لعدة انقلابات من الميليشيات التي يشجعها الرئيس الأمريكي أن وزير خارجيته جون كيري التقى بالميليشيات وقد تحدث الرئيس عبد ربه منصور هادي في مقابلة مع إحدى القنوات قائلا " عندما دخلت الحدود وعثرت على العمانيين خائفين، سألت عما يحدث، فقالوا إن السعودية قصفت اليمن! فوجئت جدا لأن الرئيس الأمريكي أخبرني في الصباح أنه لن يتدخل في اليمن! هاجمت السعودية بقوة جميع الصواريخ التي تسيطر عليها إيران في اليمن، وسحقت سلاحها الجوي وآلتها العسكرية كما وفرت الحماية لحدودها الجنوبية بعملية استباقية ضخمة لتدمر بذلك المشروع الإيراني الذي كان يستهدف جنوب المملكة.
في ذات السياق كتبت صحيفة واشنطن بوست مقالة عن هيئة التحرير أكدت فيها أن الرئيس أوباما زار المملكة التي حاصرت حليفه الجديد، الذي بذل جهودا كبيرا لإعادته إلى المجتمع الدولي، غير أن أوباما غادر كرسي الرئاسة كما أصبح الاتفاق النووي لعنة لتطارد الإيرانيين وكما قال أحد المفكرين الأمريكيين: دخل أوباما مع إيران في نفق لإبرام اتفاق، فخرج أوباما من النفق وأغلقه على الإيرانيين."