رسّخت المملكة بمواصلة دعمها المعلن إلى مصر مبدأً ضرورياً ذهبت له كثير من الدول التي اجتمعت في شرم الشيخ لدعم الاقتصاد المصري أمس الأول. كان المبدأ الذي اختطته الرياض منذ (30 يونيو) بأن الحفاظ على مصر قوية ومزدهرة ضرورة ومطلب دولي وليس إقليمياً فقط، ولعل الحضور الذي رأينا عدده يلامس (2500) مشارك في المؤتمر الاقتصادي يبرهن على دعم كبير؛ بدأ يؤتي أكله تجاه القيادة السياسية في مصر، من خلال هذا المشهد الدولي بات يقيناً الحاجة إلى الوقوف في صف مصر الجديدة، وتحديداً من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية التي استوعبت كثيراً أن خسارة هذا البلد العربي مكلفة، وهو ما سمعناه في كلمة وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمام محفل شرم الشيخ عندما وصف مصر بأنها جزء حاسم بالمنطقة ولا يمكن للعالم العربي أن يعمل دونها. وعندما توهم عدد من المراقبين أن الدعم السعودي لمصر ربما يتغير جاء رد المملكة واضحاً وصريحاً من خلال تجديد مساندتها لخارطة الطريق، والوقوف مع القاهرة في محاربة الإرهاب، والطلب من المجتمع الدولي مساندة جهود الحكومة المصرية، وجاء تتويج ذلك بالدعم الذي قدمته المملكة ب4 مليارات دولار خلال مؤتمر شرم الشيخ الذي كان بمبادرة من الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، حتى عندما حاولت بعض وسائل الإعلام دق إسفين في جسد العلاقة بين الرياض والقاهرة جاء الرد بأن موقف المملكة تجاه مصر واستقرارها وأمنها ثابت لا يتغير، وأن ما يربط البلدين الشقيقين نموذج يحتذى في العلاقات الإستراتيجية والمصير المشترك، وأن علاقة المملكة ومصر أكبر من أي محاولة لتعكير العلاقات المميزة والراسخة بين البلدين الشقيقين. تدرك القيادة في المملكة ومصر حجم الخطر المحدق بالمنطقة التي تقف أمام مفترق طرق، فإما الانزلاق نحو الفوضى أو العبور نحو بر الأمان، وبالتالي كان من الضروري والواجب دعم تماسك أحد أهم الدول المحورية في الشرق الأوسط وهي مصر، التي نراها اليوم تراهن كثيراً على قدرتها في الخروج من أزمتها التي يبدو أنها اقتصادية بامتياز، وهي في الطريق الصحيح، فقدرة القاهرة اليوم القوية على استقطاب رؤوس الأموال من الشركات الأوروبية والأميركية عالية جداً، وذلك بفضل الخطوات الإصلاحية، التي اشترعها الفريق الاقتصادي للرئيس المصري، إذ استطاعت خلال هذا المؤتمر الذي عوّلت عليه القيادة المصرية كثيراً أن تجلب أموالاً تقدر بعشرات المليارات، وهو ما لم يكن يتأتى حتى في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، مع وجود دعم شعبي لتلك التشريعات التي أصدرتها الحكومة المصرية، التي يبدو أنها تجاوزت البحث عن تأكيد قدرتها للمضي بمصر نحو الأمام على المستوى الدولي، وأصبح الاستحقاق الداخلي على رأس أجندتها، ولعل ما يهدد تلك الأجندة هو الوضع الأمني الذي سيحدد مدى قدرة الرئيس السيسي المضي قدماً في استكمال خطته التي وضعها عندما تم انتخابه رئيساً لمصر. * نقلا عن "الرياض"