يشكل الهجوم الإرهابي الذي إستهدف البرلمان الإيراني وضريح آية الله الخميني منعرجا كبيرا في علاقة إيران بالتنظيمات الإرهابية التي لطالما تعاونت مع نظام الملالي وفق إتفاق سري جعلها لسنوات بعيدة عن الهجمات الإرهابية.
صحيفة the daily beast أوردت في هذا السياق تقريرا ترجمته عنها الرياض بوست أكدت فيه أن الهجوم الإرهابي الذي ضرب إيران يعد تطورا هاما في علاقة إيران بتنظيمي داعش والقاعدة حيث تجنبت طهران منذ وقت طويل هجمات إرهابية من قبل أنواع العمليات "الانتحارية" التي تصطدم بشكل روتيني العاصمتين بغداد وكابول.
ولا يعد هذا الهجوم من قبيل الصدفة وفق التقرير ذلك أن الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة الإيرانية فعالة في قمع جميع أشكال المعارضة، بما في ذلك المتظاهرين الشرعيين لذلك تؤكد الصحيفة أن السبب في الهجوم هو عدم إلتزام إيران بصفقة سرية مع القاعدة.
فقد دأبت القاعدة و "الدولة الإسلامية" على محاربة عملاء إيران في العراق وسوريا لسنوات وبقيت إيران خارج أهداف تنظيم داعش كما سعت قيادة القاعدة منذ فترة طويلة إلى كبح جماح العنف ضد الشيعة في العراق حيث حاول أيمن الظواهري، إقناع أبو مصعب الزرقاوي مؤسس تنظيم القاعدة في العراق بوقف استهداف المدنيين الشيعة قبل أن يقتل في يونيو / حزيران 2006، بعد أقل من عام على محاولة الظواهري إقناعه بأهمية هذا التوجه بالنسبة للقاعدة.
وقد إلتزم بعد ذلك ورثة الزرقاوي بأمر من قادة القاعدة بتجنب العمليات الإرهابية داخل الأراضي الإيرانية وضد الشيعة خارج العراق لينقسم الجانبان رسميا في أوائل عام 2014. وفي تلك المرحلة، اكتسب التنظيم الذي أطلق على نفسه اسم "داعش" قوة، وشنت حملة ضد الشيعة في جميع أنحاء المنطقة، واتهمت القاعدة بأنها لينة معهم .
وفي أيار / مايو 2014، ألقى أبو محمد العدناني، المتحدث باسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، توبيخا لاذعا لقادة القاعدة الذين كشفوا عن علاقاتهم المريحة مع طهران.
وقال العدناني " سجل التاريخ أن إيران تدين القاعدة بشكل لا يمكن إنكاره"، مضيفا أنه ورجاله "امتثلوا لطلب تنظيم القاعدة بعدم استهداف الشيعة خارج العراق وفي إيران وأماكن أخرى". لكن العدناني الذي قتل في غارة جوية أمريكية العام الماضي، أوضح أن داعش "يتصرف بناءا على أوامر من القاعدة لحماية مصالحها وخطوط الإمداد في إيران".
و بعد أن تخلت القيادة العامة لتنظيم القاعدة عن داعش في شباط / فبراير 2014، لم يعد البغدادي والعدناني يعتبران أنفسهم ملتزمين بمراسيم أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة فبدأت داعش في شن هجمات عشوائية ضد المسلمين الشيعة بعيدا عن العراق، وبدأت تتطلع إلى عمليات داخل إيران أيضا.
وحتى يومنا هذا، تتجنب القاعدة الهجمات داخل إيران - على الأقل تلك التي يمكن أن تنسب مباشرة إلى المنظمة وقد كشفت وثائق و ملفات عثر عليها خلال غارة مايو / أيار 2011 على مجمع أسامة بن لادن في أبوتاباد بباكستان هذا التوجه حيث تؤكد إحدى الوثائق شهادة العدناني بشأن أوامر القاعدة.
وفي تشرين الأول / أكتوبر 2007، كتب بن لادن رسالة إلى أبو حمزة المهاجر زعيم تنظيم داعش قبل أن يخلفه أبو بكر البغدادي في عام 2010 عند مقتله. وتشير رسالة بن لادن إلى رفض القاعدة التهديدات الموجهة ضد إيران حيث قال بن لادن "لدي بعض الملاحظات حول مسألة تهديداتكم الى ايران وآمل ان تستوعبوا واخوانكم" مضيفا "لم تتشاوروا معنا بشأن هذه القضية الخطيرة التي تؤثر على الرفاهية العامة لنا جميعا. وكنا نتوقع أن تتم إستشارتنا في هذه المسائل الهامة، كما تعلمون، فإن إيران هي الشريان الرئيسي للأموال والموظفين والاتصال وكذلك مسألة الرهائن ".
حماية القاعدة لإيران والدفاع عنها من تهديدات داعش تأكدت في يوليو / تموز 2011، حيث كشفت وزارة الخزانة الأمريكية عن اسماء قادة القاعدة في إيران ، بمن فيهم باسم ياسين السوري، الذي كان يدير شبكة للقاعدة داخل إيران في ذلك الوقت.
وقد اوضحت وزارة الخزانة الأمريكية انها هناك "صفقة سرية" بين المنظمة الارهابية والحكومة الايرانية كما أشارت إدارة أوباما إلى إيران باعتبارها "خط أنابيب أساسي" لتنظيم القاعدة، مما سمح للمنظمة الجهادية بنقل الأفراد والأموال في جميع أنحاء الشرق الأوسط وجنوب آسيا حيث انتقلت عناصر تنظيم القاعدة المتورطين في مؤامرات تستهدف الغرب عبر إيران أيضا.
وفي السنوات الماضية واصلت عدة شخصيات بارزة في تنظيم القاعدة في إيران شغل مناصب رئيسية في أماكن أخرى، بما في ذلك داخل سورياعلى غرار محسن الفضلي وسنافي النصر، وكلاهما من قادة الشبكة في إيران اللذان أصبحا لاعبين أساسيين في ما يسمى ب "مجموعة خراسان".
وظل الاتفاق بين القاعدة والإيرانيين صامدا في الحرب في سوريا واليمن، على الرغم من أنهما على طرفي نقيض في تلك الصراعات الدموية فقد كشفت الخزانة الأمريكية في يوليو / تموز 2016، أن أبو حمزة الخالدي، رئيس "اللجنة العسكرية" في القاعدة، وهو من أكثر المناصب العليا في المجموعة، متواجد في إيران جنبا إلى جنب مع بعض رفاقه كما يشير ملف آخر تم استعادته في مخبأ بن لادن إلى الخالدي كجزء من "جيل جديد" من القادة الذين استعدوا ليحلوا محل رفاقهم الذين سقطوا.
كما أكدت وثائق تحصلت عليها لوزارة الخزانة، أن زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي كان له علاقته الخاصة بالمخابرات الإيرانية خلال ذروة تورط أمريكا في حرب العراق.
و في عام 2016، على سبيل المثال، أجرت مجلة النبأ التابعة لتنظيم داعش سلسلة من المقابلات مع أحد المنشقين عن تنظيم القاعدة يعرف باسم أبو عبيدة اللبنانى، الذي أكد أن "المخابرات الإيرانية" كانت تحمي منازل قادة تنظيم القاعدة داخل البلاد.