في الوقت الذي يكافح فيه العمال الأجانب في منشآت كأس العالم 2022 درجات الحرارة المرتفعة، لا يتوقف ذهنهم عن التفكير في مستقبلهم ولا تتوقف ألسنتهم عن طرح أسئلة متعلقة بتأثير المقاطعة الاقتصادية العربية على قطر.
صحيفة الفاينشنال تايمز أوردت في هذا السياق تقريرا ترجمته عنها الرباض بوست نقلت فيه عن أحد العمال تأكيده "لا نعرف ماذا سيحدث اكثر من ذلك".
وقد أثار قرار استضافة كأس العالم 2022 في قطر جدلا منذ البداية، ليس أقله بسبب الحرارة الصيفية الشديدة التي تصل إلى 50 درجة مئوية، بالاضافة إلى أن قطر تعد أصغر بلد يستضيف كأس العالم، هذا ناهيك أن ظروف عمل العمالة المهاجرة في بناء الملاعب أثارت قلقا دوليا متزايدا.
أما الآن فتهدد الأزمة الدبلوماسية بين عدة دول عربية وخليجية وقطر أعمال البنية التحتية التي تبلغ 500 مليون دولار في الأسبوع حيث يشير الإقتصادي المختص في شؤون الشرق الأوسط فاروق سوسا "يبدو أن هناك احتمال متزايد بأن هذه الأزمة ستستمر لبعض الوقت، وفي مرحلة ما، فإن جدوى كأس العالم، وهي مرساة رئيسية للمشاريع في قطر، ستكون موضع شك"، مضيفا أن" أي قرار بسحب إستضافة كأس العالم من قطر سيكون له انعكاسات سلبية للغاية على قطاع البناء والتشييد والاقتصاد غير النفطي في قطر".
ويشمل برنامج الإنفاق على كأس العالم الذي تبلغ قيمته 200 مليار دولار ثمانية ملاعب جديدة وغيرها من مرافق كرة القدم بالإضافة إلى نظام مترو يربط الدوحة بمدينة جديدة يبلغ عدد سكانها 250،000 نسمة شمال العاصمة القطرية .
و في حين أن معظم المواقع لديها ما يكفيها لبضعة أشهر من المواد، مما يحد من الأثر الفوري للمقاطعة، فإن المشاكل ستبرز قريبا لبلد يعتمد اعتمادا كبيرا على الواردات حيث تورد قطر المواد الثقيلة مثل الركام - الأحجار المسحوقة المستخدمة للأسمنت والبناء من محاجر في جبال إمارة رأس الخيمة في الإمارات العربية المتحدة، كما يتم غالبا تسليم مواد أخرى مثل الحديد الصلب أو المعدات الميكانيكية عن طريق مركز التداول التجاري في دبي.
وفي ذات السياق قال كولن فورمان، نائب رئيس تحرير مجلة "ميدل ايست ايكونوميك ديجيست" أن ما يصل إلى نصف مواد البناء والمعدات في قطر يتم استيرادها عبر الحدود البرية السعودية.
وبسبب قطع العلاقات الدبلوماسية والإقتصادية لعدة بلدان عربية وخليجية مع قطر المتهمة بدعم الإرهاب يقول مسؤولون تنفيذيون في قطاع الصناعة إن شركاء الخدمات اللوجستية يضطرون إلى تعديل الطرق البرية والبحرية لتجنب الحظر في موانئ دولة الإمارات العربية المتحدة والحدود البرية السعودية القطرية.
ولا يخلى هذا التعديل مسار الواردات القطرية من آثار سلبية على سير الأعمال وبرنامج الاستعدادات لكاس العالم حيث يؤكد سوسا "أن إعادة توجيه المواد ستضيف الوقت والتكلفة للمشاريع"، خاصة وأن القدرة في ميناء حمد غير كافية للتعامل مع تدفق المواد والآلات لجميع هذه المشاريع، إذ يشير أحد المقاولين "ان المشاريع ستتأخر بوقت كبير"، مضيفا "لديهم خيار تحديد الاولويات لكأس العالم قبل كل شيء اخر".
ويتجاوز أثر المقاطعة شحن البضائع، حيث يشير سوسا إلى أن قدرة المهنيين على السفر بين قطر ودول أخرى قد تقلصت بشدة إذ يضطر المسؤولون التنفيذيون الذين يسافرون إلى الدوحة من مراكز الأعمال في الإمارات العربية المتحدة أو البحرين إلى قطع مسافات أكبر عبر عمان أو الكويت المجاورة.