لم تثني درجات الحرارة المنخفضة التي وصلت إلى أقل من 30 درجة مئوية في القطب الشمالي، القائدين الشريكين على نزع قفازاتهما و مصافحة بعضهما البعض، في مشهد يختزل قوة الروابط والتعاون السعودي الروسي ومتاننة العلاقة بين وزير الطاقة السعودي خالد الفالح ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك.
صحيفة الفاينانشال تايمز أوردت في هذا السياق تقريرا ترجمته عنها الرياض بوست أكدت فيه أن هذا المشهد كان حين وصل الفالح إلى ميناء سابيتا في اقصى شمال روسيا لافتتاح محطة غاز طبيعي مسال بقيمة 27 مليار دولار مع نظيره الروسي الكسندر نوفاك والرئيس فلاديمير بوتين.
حينها قال بوتين لضيفه"اشتروا الغاز الروسي و إدخروا نفطكم " ليجيبه الفالح "هذا هو السبب في مجيئي إلى هنا"،
وهو مشهد وعبارات تختزل حاضر ومستقبل العلاقات الروسية السعودية، حيث أكد الفالح "لدي علاقة كبيرة مع نوفاك، لقد اصبحنا شركاء".
ويظهر هذا الاتفاق بين البلدين في كانون الاول / ديسمبر، تمكن روسيا والمملكة العربية السعودية على مدى ال 18 شهرا من بناء تحالف مؤثر في مجال الطاقة على الرغم من أن سياسة البلدين تتعارض في قضايا اخرى مثل النزاع السوري.
ويشير التقرير إلى أن الخصمين التقليديين،اللذان ينتجان خمس النفط الخام في العالم، يتكلمان الآن بصوت موحد بشأن المسائل المتصلة بالطاقة ويضعان علاقاتهما في مستوى استراتيجي.
إلى ذلك يضيف التقرير أن محاولة الحد من خطورة ثورة النفط الصخري الأمريكي ، بعد أحد الأسباب الرئيسية للتقارب الذي كان لا يمكن تصوره قبل بضع سنوات بين موسكو والرياض.
كما يعود التقارب بين البلدين وفق التقرير إلى العلاقات الودية المتينة بين ولي العهد الامير محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكذلك بين الفالح ونوفاك.
وفي حديثه إلى صحيفة "فاينانشال تايمز"، قال وزير الطاقة السعودي أن التحالف السعودي الروسي "لديه القدرة على أن يصبح واحدا من أقوى شراكات الطاقة في العالم".
وقد تجاوز التعاون بين المملكة العربية السعودية وروسيا صفقة أوبك إلى مشاركة أعمق، بما في ذلك مقترحات للمشاريع المشتركة للشركات والاستثمارات والصفقات العسكرية.
وفي هذا الصدد أكد الفالح "أن قوة الشراكة الاقتصادية بين البلدين ستساعد على تحقيق الثقة "، مضيفا "نحن نستثمر في روسيا.. والروس مهتمون بالاستثمار في المملكة ".
يأتي ذلك بعد أن خصص صندوق الاستثمارات العامة 10 مليارات دولار للاستثمار في روسيا، فيما تنظر الصناديق التي تتخذ من موسكو مقرا لها إلى السعودية كسوق استثمارية مستقبلية مغرية.
وقد أنشأت الدولتان صندوقا مشتركا للتكنولوجيا بقيمة مليار دولار، وحددت مجالات التعاون فيه لتشمل البحث والتطوير.
من جهته أكد نوفاك لفاینانشال تايمز "إن الاقتصادین في البلدين متشابھون إلی حد کبیر من حیث النیة و مساعي التنویع وكءلك خطوات تطویر قطاع التکنولوجیا الفائقة".
و يشير التقرير إلى أن التعاون والتحالف والشراكة بين موسكو والرياض تأتي بعد عقود من الجمود والجفاء حيث اتسمت العلاقة في السابق بانعدام الثقة المتبادل والشك في سياسة الطاقة وخاصة الجغرافيا السياسية، نظرا للتعاون السعودي التاريخي مع الولايات المتحدة.
ويضيف التقرير أن الرياض تملك اليوم شريك قويا سيساعدها على تحقيق توازن واستقرار أسواق النفط، في مواجهة حليفها التاريخي الذي يهدد إنتعاش أسواق وأسعار النفط، حيث من المتوقع أن ينمو إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة بمعدل قياسي هذا العام، يتجاوز إنتاج السعودية و ينافس انتاج روسيا التي لا تزال أكبر منتج في العالم للنفط.
و في حين أن بعض مراقبي سوق النفط لديهم مخاوف من أن زيادة الإنتاج الأمريكي قد يدمر صفقة تخفيض الانتاج التي تقوكها الرياض وموسكو، فقد قلل الحلفاء الجدد من تأثير الصخر الزيتي في الولايات المتحدة على الأسواق، حيث قال نوفاك"أن نمو الصخر الزيتي الأمريكي لا يمكن أن يفي بالطلب الكلي"، فيما أكد الفالح بأن"هناك الكثير من الطلب المتنامي. . . لذلك يجب أن ننظر إلى نمو انتاج الصخر الزيتي في هذا السياق. "