كان تصريح المقرئ السعودي المعروف الشيخ عادل الكلباني، الذي هاجم فيه عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان، حديث الأحاديث خلال اليومين الماضيين، رغم أنه واحد من القصص المعتادة التي تزخر بها الساحة السعودية، ضمن الحوارات المستمرة بين المدارس التقليدية، والتجديدية في المدرسة السلفية، داخل المملكة.
وتخضع الفتاوى الدينية السعودية، التي لوّنت البلاد بألوانها لعقود، لعملية مراجعة واسعة النطاق، من قبل باحثين إسلاميين، ورجال دين، وعلماء، في سياق عملية التحول الفكري الكبير الذي تشهده المملكة، والمدعوم بقوة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في إطار رغبته في أن تقود بلاده لواء الإسلام المعتدل في العالم.
وبينما عرف عن الكلباني إنفتاحه وتحديه للقوالب الدينية الجامدة مستنداً على معرفة واسعة بالتراث الإسلامي، فإن الشيخ الفوزان يقف على النقيض من ذلك، إذ يوصف بأنه الحارس الأخير للمدرسة التقليدية السلفية، والحريص على مواجهة كل محاولات التجديد، أو مراجعة النصوص الدينية.
وكان الكلباني في تغريدة نشرها على حسابه في تويتر قد أثار الضجة حين اتهم الفوزان ب "الكذب" بعد أن تم تداول مقطع للفوزان وهو يحرّم الموسيقى مستندا على حديث وصفه الكلباني بأنه "موضوع" و " يعني الكذب على الله ورسوله".
صراع الشيخين الفوزان والكلباني ليس حديثا، بل له عدة تراكمات بسبب فتوى الكلباني الشهيرة بإباحة سماع الموسيقى. وبينما يرى كثيرون بأنه صراع سلفي داخل خيمة واحدة، وهي السلفية، إلا أنه يحمل في طياته صراع السعودية الفكري الجديد بين التحديث والجمود.
والشيخ الفوزان الذي جاوز الثمانين، وهو من مواليد ما قبل الحرب العالمية الثانية، صدر له نحو 60 كتباً وبحثاً فقهياً، وتتلمذ على عدد من رجالات الفكر السلفي في البلاد، وتتلمذ على يديه الكثيرون أيضاً.
أما الشيخ عادل الكلباني فهو على أعتاب الستين، ومن مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية، وراج وصفه بأنه "أوباما السعودي" بعد فترة إمامة سريعة للحرم، وتخضع فتاواه لإعجاب كثيرين يبحثون عن وسطية الإسلام، بعد سطوة ثلاث عقود من الجمود السلفي الذي رسخته فترة ما سمي بالصحوة.
ويعكس الجدل بين الفوزان والكلباني المرحلة السعودية الجديدة التي تدور فيها نقاشات حول التفسير الحقيقي للإسلام، مدفوعاً بالرغبة الحكومية التي تريد أن تعبّر المؤسسة الدينية، والفكر الديني في المملكة، عن الحقيقة الواقعية للإسلام، وليس للاجتهادات المتلونة برواسب فترة الصحوة.
ورغم هذا الخلاف الحديث فإن الشيخين قد اتفقا في وقت سابق، على انتقاد الواعظ الديني الشيخ محمد العريفي، حين رأى في رؤيا نزول الملائكة لتحارب مع السوريين ضد نظام بشار، وتداول مقطعه المصوّر على نطاق واسع.
وسبق وأن قال الشيخ الفوزان، خلال أحد دروسه الصيفية، بعد سؤاله عن جواز الصلاة خلف من يبيح الغناء: "إن الصلاة لا تجوز خلفه"، باعتباره: "مجاهرًا بالمعصية"، وعليه يعزّر بترك الصلاة خلفه.
ولا يزال الشيخ عادل الكلباني إماماً لأحد المساجد في الرياض.