يظهر التاريخ أن حروب أوروبا عندما قامت على معطى الدين والطائفة والعرق بقيت مشتعلة لعقود وقرون طويلة، أما عندما تحولت لحروب ايديولوجية تقوم على معطى توجه سياسي ضد آخر كحال النازية ضد الديموقراطية والماركسية ضد الليبرالية فأصبحت محدودة الأجل، وأمكن في النهاية تجميع الأديان والمذاهب والأعراق في كيان سياسي واحد، وهو أمر لم يكن يحلم به ابان الحروب الدينية والعرقية بين الدول الأوروبية. عرف تاريخيا عن شعوب العراق وسورية وليبيا واليمن وشمال وجنوب لبنان إيمانهم الشديد بالوحدة العربية، لذا كان من الاستحالة تفتيت دول المنطقة دون تكفيرهم جميعا بالوحدة العربية التي تضم جميع الأديان والمذاهب والأعراق وافتعال الفتن بين مكونات تلك الدول لتلحقهم بعد حين الدول العربية الآمنة الأخرى. مع بداية الألفية وفور انتهاء عملية تحرير العراق بدأ تنظيم القاعدة المشبوه بتسمياته المختلفة باستقصاد أصحاب الديانات والمذاهب والأعراق الأخرى في دول المنطقة اضافة الى باكستان وافغانستان، وتم تفجير ضخم في النجف استهدف الإمام الشهيد محمد باقر الحكيم، وبدأت عمليات قتل متبادل في العراق، وفي لبنان استهدف تفجير ضخم موكب الشهيد رفيق الحريري وتلته غزوة بيروت الغربية والمشاركة في حرب سورية ما خلق شرخا مؤسفا بين الشمال والجنوب في لبنان. وتأتي عملية تفجير مسجدي الطائفة الزيدية الكريمة ضمن نفس النهج التفتيتي السابق لخلق فتنة سنية - زيدية، وقد تلاها تفجير داعشي في قامشلي التي يقطنها الأكراد السنة في سورية وقبلها حرب داعش العبثية على مدينة كوباني التي أدت إلى تدميرها بالكامل لهدف واحد هو تشجيع الأكراد على الانفصال عن العراق وسورية ضمن مشروع تفتيت البلدين وإعادة ترسيم خرائط دول الشرق الأوسط وتعميدها بالدم. آخر محطة: 1- يدعي داعش والقاعدة كذبا وزيفا انهم يمثلون السنة ويستهدفون اعداءهم، لذا كيف يمكن تفسير عملياتهم التخريبية ضد دول سنية مثل مصر وليبيا وتونس؟! 2- وعي شعوب المنطقة ـ بأديانهم وأعراقهم ومذاهبهم المختلفة ـ بمؤامرة التفتيت التي تنفذها الميليشيات المذهبية بمختلف انتماءاتها ومذاهبها، هو الذي أوقف المخطط، لذا فلنتوقع المزيد من العمليات الإرهابية الكبرى! *نقلاً عن "الأنباء"