يعتبر والدي رحمه الله من أهم الأسماء في تاريخ
الأغنية الكلاسيكية السعوديّة، واول من عزف على الوتر السادس في العام (1970).
بل عمل تولِيفة جديدة على العّود في نهاية السبعينات الميلادية، حيث جعل الوتر الثالث (فا) بدلا من (ري) والرابع (دو) بدلا من (اللا).
ذلك الرائع المحب للأغنية، رغم اعتزاله الفن قبل وفاته بسنوات، إلا إن أعماله مازالت سنداً مهما للساحة الفنية السعودية، وتحظى بمتابعة كبيرة من أولئك المتخصصين في الأنغام الكلاسيكية إلى هذا اليوم.
أستطيع القول أن حياة والدي، وطفولته كانتا استثنائيتان من ناحية صعوبتهما، لكنها صنعت منه فنا جميلا، وهذا ما ظهر في أعماله الفنية،
حيث مارس نغم الحرمان والوحدة في معظم أغانيه، حتى أصبح ماهرا في عزف العّود، وقدم فكره واختراعه في العزف، وفي صناعة التوليف الجزئي لأوتار العود.
بعد بزوغ نجمه في عالم الفن السعودي والخليجي لقب ب( وحيد الجزيرة ) فألهم القلوب بسحر أغانيه ومخزونه التراثي العميق.
إن الإبحار في مسيرة والدي تحتاج حلقات للبحث عن خفايا حياته، والتدقيق فيما قدمه من إبداع شعبي نال منه حب الجماهير.
يؤلمني ما حدث لوالدي في طفولته، فقد قال في أحد الحوارات المسجلة شخصياً: (بأن جدي كان شديداً عليه وبعد وفاة جدتي عاش وحيداً تائها تتلقفه صحاري وبيوت نجد وهَجِيرُهَا.؟!.)،
أب وأم وأعمام وخوال وأجداد وإلى آخره من الأسرة، يفتقدهم في حياته حتى إخوته لا يعرفهم. ظل وحيداً شاعرا مطربا حزينا صنعته الوحدة والضياع وظروف الحياة.
استهزاء أصدقاء والدي به عندما كان في عمر الثامنة أتى برد فعل عكسي، وهي الاستمرارية لينتقل إلى عالم النجومية والإبداع بعد سنوات.
قال والدي : (انه اختار اسم فهد بن سعيد ليكون بعيداً عن اسمه) وبحجة (العادات والتقاليد) التي كادت ان تقتل موهبته، رفضت جدتي ان يمارس الفن باسمه الحقيقي، واحترم والدي ذلك الرأي بعد وفاتها، لكنه استخدم فهد بن سعيد او لقب (فتى الوادي) المدلل في اسطواناته الأولى ثم بعد ذلك (وحيد الجزيرة).
وهكذا اقول بأن والدي حصد المجد والشهرة من دون الحاجة الى لقّب !