2018-08-04 

#هاكثون_الحج و الصورة الوطنية

إيمان المطيري

هل التسويق للدول مفهوم حديث أم مستحدث؟ يزعم المسوقون بأن الدول حتى الآن لم تستخدم التسويق بالوجه الكامل و الفعّال، بينما يرى الدبلوماسيّون أن تاريخ التسويق للدول موجود منذ بداية الدبلوماسية الحديثة التي تمثلت بوجود سفارات لتمثيل الدول.

 

 و لربما كان أحدث مثال للتسويق الدولي الذي تمارسه الدول لرسم الصورة الذهنية، يتمثل في تجربة جمهورية كرواتيا التي استخدمت قطاع الرياضة لتستفيد منه تسويقياً في كأس العالم، ففي صناعة التسويق للدول تتشارك كل القطاعات والصناعات المحلية لتشكيل الصورة الذهنية عن البلدان، إذ لا يقف الأمر عند قطاع الرياضة وكرة القدم فحسب بل يمتد إلى قطاعات وصناعات أخرى مثل صناعة السيارات والمحركات التي تعتبر مصدر تسويقي للدول التي تعتمد على هذه المجالات مثل ألمانيا واليابان و أمريكا.

 

من خلال بحث بسيط عن معدل الإنفاق الحكومي على قطاع التسويق للدول وإيرادات السياحة في العالم ، تجد النتيجة أن معظم الدول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا تخصص ميزانيات كبيرة للتسويق، تُصرف هذة الميزانيات على العديد من النشاطات والمشاريع التي ترتبط ارتباطاً مباشراً وغير مباشر بقطاع السياحة وجذب السيّاح وتحسين جودة تجربتهم، فكيف إذن لا  تُنفق هذه الميزانيات والعائد العالمي على الاستثمار من السياحة لعام 2017 حسب منظمة السياحة العالمية يساوي 1,220 مليار دولار أمريكي!

 

على الرغم من أن قطاع السياحة في المملكة مايزال في طور التطوير، إلا أن المملكة كانت وما تزال تنفق على السياحة الدينية وتطورها، ولها خبرة عظيمة وتجارب ناجحة في استقبال الحجاج على مدى عقود من الزمان إذ بلغ اكبر عدد للحجاج خلال العشر سنوات الاخيرة مايقدر ب ثلاثة ملايين حاج حسب الهيئة العامة للإحصاء، 74% منهم من خارج المملكة

 

بلغت ميزانية العام الحالي لقطاع الإدارة العامة بما يشمل وازرة الحج والعمرة 26 مليار ريال حسب تقرير وازرة المالية، مما ينم عن اهتمام وتوجه واضح إلى تطوير تجربة الحج وزيادة العائد على الاستثمار لصالح القطاع الخاص في موسم الحج.

 

لم ينحسر تطوير المملكة وجهودها في تجهيز المرافق العامة والخدمات اللازمة لإتمام مناسك الحج؛ بل امتد لنرى اليوم مبادارت ابتكارية وعالمية لم تقتصر على حدود العالم الإسلامي، إنما نجحت السعودية فيها بإشراك العالم بأجمعه للمساهمة، إذ انطلقت منذ أيام أكبر مبادرة لاستضافة أكبر هاكاثون في العالم و الذي دخل موسوعة جينيس بأكبر عدد مشاركين، وذلك بتنظيم من الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز (#هاكاثون_الحج)، استقطبت هذه المبادرة الشباب والشابات من ذو ي الاختصاص في مجال البرمجة من جميع أنحاء العالم؛ وذلك لابتكار حلول تقنية لمواجهة  أهم التحديات بهدف إثراء وتحسين تجربة الحج، إذ تحول أفكارهم الفائزة مشاريعًا تستفيد منها المملكة لتقديم خدمات حجّ تتوازى مع رؤية السعودية 2030، وقد بلغت قيمة الجوائز في المنافسة ما يساوي مليوني ريال.

 

تواجه السعودية اليوم صورة ذهنية نمطية، فعلى الرغم من تحسن هذه الصورة مؤخراً إلا أنها ما زالت تحت سقف طموح السعوديين حكومةً و شعباً. إنني مؤمنة بأن تغيير الصورة الذهنية والنمطية أصعب دائماً من بنائها، ولذلك فإن التركيز على التسويق للدول والتواصل مع الفئات العمرية الشابة أو من لم يتأثروا بالإعلام المؤدلج  وبناء صورة تعكس هويتنا الحقيقية؛ سيكون أكثر جدوى من استهداف الجميع أو الاستهداف العشوائي، وعليه فإن قيام مثل هذه المبادرات بالوصول لفئة الشباب  والقوى الناعمة وتعريفهم أكثر على المملكة  وقوانينها  وثقافتها وعلى تفاصيل مناسك الحج بصفته أهم حدث ديني -طريقة ذكية وفعالة للاستفادة من إشراك هؤلاء الشباب والشابات تقنياً وعكس تجربتهم على الصورة الذهنية للمملكة.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه