الرياض - أثناء إلقاء القبض على الإرهابي الذي شارك في العملية الإرهابية على مسجد الرضا أطلق احد الاشقياء عبارة (صوروه قبل ما يغيرونه).. ما كنت سأكتب عن هذه العبارة لولا أن لاحظت بعض المحاولات التي تدفع بها لتغذي الطائفية.
كلمة تافهة تفتقر للمنطق والعقل عندما تبحث في جنباتها عن معنى سوف ترى إما ان قائلها صغير العقل، او أنه موتور والأرجح انه طائفي. قرأت هذه العبارة من زوايا مختلفة: الأولى أنها قيلت في حشد تجمع اثناء القاء القبض على الإرهابي وبالتأمل سترى أن معظم المحتشدين من الشباب وأرجح أنهم شباب من الطائفة الشيعية بحكم الموقع والمسجد. ورغم توفر عوامل تمذهبية، ودوافع انقسام (عمل إرهابي، مسجد، احتقان) لم يرددها أحد من الحاضرين أو ينوع عليها من الألفاظ القبيحة. لا يوجد مؤشر على أن الحشد التفت لصاحب العبارة أو منحها أهمية. معظم المتفرجين كان يغلب عليهم الفضول.
هذا مؤشر صريح يؤكد أن قائلها صغير عقل وأن مفهومها لا وجود له في نفوس اهل الأحساء. لو كان في الأمر طائفية كما يتمنى الطائفي الآخر لكان تخوين رجال الامن في تلك اللحظة الحرجة فرصة للهتافات أو على الأقل ترديد ما قاله صغير العقل.
الأمر الذي يعكس ان الكلمة خارج مفهوم أهل الأحساء ومن الواضح من المشهد الذي امامنا أن الجميع يتعاملون مع رجال الأمن بصورة تلقائية كما يتعامل المواطنون في الظروف المشابهة في انحاء البلاد. المشهد أعجبني كثيرا وسرني رغم حزني الكبير على الضحايا. أكد لي أن الشباب السعودي شيعة كانوا أو سنة وضعوا ثقتهم في رجل الأمن، إذا أمعنت النظر سترى أن هؤلاء الرجال تجمهروا رغم خطورة الموقف وامتلائه بالرصاص الحي الذي يمر فوق رؤوسهم. يؤكد هذا أيضا ثقتهم في قدرات رجال الامن وفي مهنيتهم العالية.
في الوقت الذي تؤكد فيه تلك العبارة ولاء أهل الأحساء لوطنهم وفضحت الطائفيين في الجانب الآخر. توسل دعاة الفتنة تلك الكلمة المعزولة وفتحوا بها هاشتاق تباروا فيه بكل ما تفيض به نفوسهم المريضة. شتم واتهام بالخيانة والعمالة ومطالبة بإنزال أقسى العقوبات ولم يستثنوا أحدا. لا أعرف كم عدد الذين أسهموا في الهاشتاق لكني لم أجد بينهم من كتب تعليقا واحدا يمكن أن يوصف بالإنصاف. في اليوم التالي قام قاهر الظلام الأمير محمد بن نايف بزيارة المصابين واطمأن شخصيا عليهم.
العلاقة الأبوية الحميمية التي تكشفت بين الشاب الحساوي الصغير، وبين قاهر الظلام في زيارته لمصابي مسجد الرضا بعد الحادثة الإجرامية أزالت أحلام الخفافيش والمعتاشين على الموت. شاب صغير ينصت يوميا إلى اهله الشيعة وخطيب مسجده الشيعي ومحيطه الشيعي طلب بصوت صادق ومحب من الرجل الثاني في البلاد صورة سيلفي. هذا الطلب كشف عن أن هذا الولد وأي شاب من أبناء الاحساء فخور بأن يجد نفسه في صورة مع الرجل الثاني في بلاده. ترى على من سيتفاخر بهذه الصورة إذا لم يكن على أبناء حارته وأهله واصدقائه وزملائه في المدرسة؟