حين يصدر رئيس الهيئة العامة للرياضة تركي آل الشيخ (مستعينًا بالعقول الأخرى التي تعمل معه) قرارًا لا يروق لك وتظن أنه ينهش به حق فريقك، لماذا تحول ساحة الرأي إلى ميدان حرب ذخيرتها البذاءات، لماذا لا تبقى في ساحة الكلام وتقول رأيك؟!.. واجه القرار بفكرتك عنه، عَدِّد سلبياته، واسرد قائمة بمساوئه التي تظن أنها ستكون سببًا في فوضى متوقعة!
«أبو ناصر» يقرأ ما يكتب ويسمع ما يُقال، ويتفاعل مع الآراء منزوعة الألوان، والتي يبدو في وجهها حب الوطن واقتفاء مصلحته، ولهذا هو «يراجع» القرارات كلها وربما «يتراجع» عنها إن وضح أنها لا تؤدي الغرض الذي خلقت من أجله.. ولهذا اكتبوا له آرائكم بإحترام، قولوها من دون أن تحشروا «التشكيك في نواياه» بين كلماتها، ومن دون أن تنجسوا ألسنتكم بالقذف وبالسِبَاب..
كل كلمة مديح لمعالي الوزير تركي آل الشيخ هي في تفسير بعض قارِئَيْهَا «تطبيل فاخر»، وأن قائلها «مطبل» قبض ثمن ذلك، أو أنه من زمرة الخائفين، الذين قيل لهم «اكتبوا مديحًا، أو حتوحشونا».. لا أحد يناقش الآراء مع صاحبها بهدوء وعقل، وإنما يبدأ حفلة شتائمه، لأنه يناقش القرارات من وجهة نظر تخص ناديه، ناديه فقط وليس كرة القدم السعودية.
إن لم تقل ما يريدون هم أن تقوله، فلست منهم، وإنما مجرد «طبل كبير، يقرع وقت الحاجة إليه»..
لا يريدون منك أن تقول «رأيك».. يريدون منك أن تقول «رأيهم»!
لا يرفض مسؤول انتقاد قراراته، ولا تصريحاته، ولا طريقته في إدارة العمل، ما يرفضه حقًا هو الإساءة له، والتشكيك في نزاهته، واختراع القصص المفبركة للنيل منه، وتفسير نواياه بمعانٍ لا تشبهها ابدًا..
اتخاذ القرارات أمر صعب جدًا، لكن الأصعب منه تنفيذها، وأصعب منهما معًا التنفيذ بسرعة، وبدقة، وإخلاص.
وحين يتعلق القرار بالرياضة، وكرة القدم تحديدًا، فإن إصداره يصبح غاية في الصعوبة؛ لأنه يصطدم مباشرة بالجماهير، الذين صبغوا قلوبهم بألوان أنديتهم، وصارت العاطفة العمياء هي رأيهم و«رايتهم»، وطريقهم و«طريقتهم» في الذود عن مكاسب الفرق التي يشجعونها، والدفاع عن مصالحها، بما يضمن بقاء البطولات في متناول «الممكن».
ولذا يستوجب القيام بخطوة كبيرة كهذه - أقصد اتخاذ قرار جديد صادم - وجود قائد جريء، وشجاع، وَحَادَّ، عنده الاستعداد التام لمواجهة الجموع، وترويض رد الفعل الجَمُوح.
.. ولهذا كان تركي آل الشيخ، الرجل الذي ملأ الهيئة العامة للرياضة بالعمل، ولم يضع قلمه في جيبه منذ المرة الأولى التي نزعه منه، فهو ينتقل من إمضاء قرار إلى آخر، ومن كتابة الملاحظات على معاملة، و«الشكر» على أخرى.
كتب معالي الوزير في تغريدة «أتى من ينفض الغبار، ويكشف الأقنعة.. القوة، القوة، لا بارك الله في الطبطبة، والضعف»، لم يكن حينها يتحدث عن الرياضة، ولا عن نفسه، لكنه كان مؤمنًا بذلك، ولهذا اِقْتَبَسَ شيئًا منه وأضاء به روحه.
نعم هو زمن التنفيذ بالقوة، ولذلك يحتاج هذا الزمن إلى رجل قوي مثله، وإلا من الذي كان يقدر أن يُلزم الأندية بتنفيذ كل القرارات؟!.. لا أحد، كثيرون حاولوا، لكن كانت الأندية وجماهيرها قوية بما يكفي لتماطل، وتتملص، حتى جاء من هو أقوى منها، وصار عليها أن تنفذ.
مرة أخرى أكتبها: لكل واحد منا (نحن معشر الإعلاميين، والجماهير، والرياضيين) ملاحظاته على بعض القرارات، وانتقاداته على آلية تطبيقها، وربما رفضه الكامل لعدد منها، وهذا شيء مفيد، إن كان مجردًا من أهوائه، وألوانه، لكن المتفق عليه أكثر مما هو موضع خلاف أو اختلاف؛ ولهذا يصبح انتظار ما سيأتي من دون إثارة نقع سببًا جيدًا في أن تنجز «الهيئة» ما بدأته، ولهذا نحن مؤيدون لها، ونقف في صفها وننتظر نتائج قراراتها المهمة والكبيرة، (على الأقل أتحدث هنا عن نفسي).