بشكل مباشر: هل عاصفة الحزم التي هبت في اليمن، موجهة ضد الزيدية؟ وبشكل مباشر؛ الجواب: لا. السعودية، حجر الزاوية في هذه الحملة الكبرى، بجوانبها العسكرية والسياسية والإعلامية. وهي حملة الغرض منها واضح؛ حفظ اليمن من السقوط في كهف المخطط الخميني، وبالتالي تحول اليمن إلى بيئة جاذبة لكل أنواع التطرف والإرهاب، السني منه والشيعي، فمجرد ازدهار النشاط الحوثي، يعني انتشاء النشاط القاعدي الداعشي، فكل طرف منهما يغذي الآخر. لم تكن للسعودية مشكلة مع الزيدية في الأول حتى تكون لها مشكلة في الآخر، والكل يعرف أنه في الحرب التي نشبت بين أنصار الملكية وحكم «الإمامة الزيدية» في اليمن وأنصار الجمهورية والفكر القومي (1962) كانت السعودية مع دولة الإمامة القائمة حينئذ «المملكة المتوكلية». حينما انتصر الجمهوريون على الملكيين، احتضنت السعودية آخر إمام زيدي، الإمام البدر، وقدمت له الدعم، ثم دعمت أسرة حميد الدين كلها، ومعها الأسر المناصرة لها، وأغلبها أسر ذات مكانة في السرد الزيدي التاريخي. الغرض هو القول بأن المقاربة السعودية لليمن، كانت وما زالت، تقوم على معايير واعتبارات استراتيجية «دنيوية» كبرى، لا علاقة لها بالخطاب الطائفي الغرائزي المغلق. حينما يقول الملك سلمان بن عبد العزيز في خطابه الأخير بقمة شرم الشيخ العربية، إن «الرياض تفتح أبوابها لجميع الأطياف السياسية اليمنية الراغبة في المحافظة على أمن اليمن واستقراره للاجتماع»، فإنه يعني ذلك تماما. أبرز علماء الزيدية المتأخرين هو مجد الدين المؤيدي - أقام شطرا من حياته في السعودية، وتوفي 2007 - هو وغيره من علماء الزيدية الكبار رفضوا التهور الحوثي في الفكر والسياسة، ولهم بيان بذلك، خاصة. حسين بدر الدين الحوثي (قتل 2004) لم يوفر الزيدية التقليدية من هجماته في دروسه ومحاضراته، وكل ذلك موثق، باعتباره، أي حسين، هو المجدد الحقيقي للزيدية، المنظف لها من تلويث أي مدرسة أخرى غير مدرسة آل البيت. حسين نفسه لم يكن مؤهلا علميا، ومن شروط الإمامة عند الزيدية هو الاجتهاد العلمي. ولذلك حتى داخل الإطار الزيدي المتشدد، فلا يعتبر الحوثي مؤهلا لقيادة الزيدية، وهذا العالم الزيدي المتشدد محمد عبد العظيم الحوثي، يعادي جماعة أنصار الله أو «الحوثة» كما يقال لهم في اليمن، وقاتلهم وقاتلوه، ونعتهم بخيانة المذهب الزيدي، وبالجهل، وبالطمع في الحكم، واتهمهم في لقاء شهير بجريدة «الجمهورية» اليمنية بالعمالة لإيران، وأن رفعهم لشعار الموت لأميركا ليس إلا «تمويها» لخداع السذج. الزيدية هي جزء أساسي في الهوية اليمنية، وهي مدرسة فقهية عريقة، واتجاه قديم في فقه الحكم والإمامة، لكنهم ظلوا دوما نسقا مرنا مفتوحا على الاجتهاد. وقد أشرت من قبل لشكوى أحد أعلامه العالم محمد بن إسماعيل بن الأمير الصنعاني، (توفي سنة 1182هـ) إلى أن الزيدية ليس مذهبا مغلقا متماسكا بمقولاته، بل نسق مفتوح للتطوير والإثراء. السعودية مع اليمن، بزيوده وشوافعه. * نقلا عن "الشرق الأوسط" اللندنية