يشكل خروج الأمير محمد بن سلمان العلني والحديث فارق مهما في الأحداث والتطورات في المنطقة والعالم ، وحضوره الأخير في مبادرة مستقبل الاستثمار رغم كل الظروف الراهنة والهجمة المكثفة والمنظمة على المملكة السعودية ، يؤكد ان الرؤية السعودية الجديدة ماضية في طريقها للمستقبل بعزم وحزم ونجاح . ولتكون السقف الجديد للمنطقة والعالم العربي في مختلف المجالات التنموية دون استثناء .
الرؤية العظيمة تحتاج إلى مؤسسات اعلامية جديرة بها. هذا للأسف ما ينقصنا اليوم ، الغريب ان هذا ايضا - ما كنا متفوقين فيها لعقود مديدة، منذ ظهور نظام المؤسسات الصحفية القديم ،والذي لم يحدث بعد، ولازال استجابة لمتطلبات السبعينات الميلادية، دون أن يتاح لها الوصول الي عصر الشركات والتحالفات والتطور مع آليات السوق!.
المشهد الإعلامي العام مختلف ومتخلف عن العصر والمرحلة، مؤسساتنا الصحفية تركت في العراء التقني والافتراضي ،فيما لم تكن مستعدة لذلك، والحقيقة انه حتى المؤسسات و الامبراطوريات الاعلامية العالمية الكبيرة، تعاني في مرحلة التحول هذه من تراجع نفوذها وتأثيرها واعلاناتها،وأمام هجمة نفوذ للإعلام الاجتماعي، من الولايات المتحدة للصين!
لكن مؤسساتنا الصحفية لم تؤسس على قواعد تجارية من البداية، بقدر اعتمادها على الدعم الحكومي المباشر او غير المباشر في مرحلة سابقة، كما تفعل كل الدول النامية لتأسيس ودعم مؤسسات وطنية للتخطىً عثرات البدايات ،رغم تحقيقها في سنوات مضت لارباح مليونية، إلا أن نموذجها التجاري لم ينضج او يتواكب مع حركة التحول الفائقة في موردها الاساس-الاعلان.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، فقد عدد كبير من الموظفين والفنيين والصحفيين وظائفهم ، فيما قلصت مكافأة الكتاب والمتعاونين إلى أقل مستوى، بل وغابت تماما في غالبية هذه المؤسسات. ولم يلتفت أحد ، وبالتالي لم ينجح احد!
وبالطبع نتذكر دخول السعودية بقوة وثقة في سوق المطبوعات الصادرة من خارج العالم العربي وإليه.ثم تسجيل أول تفوق فضائي منوع من لندن )ام بي سي)، وأول دخول في الحقوق الرياضية الأوربية والعالمية -اى آر تي) ، وفي مرحلة لاحقة إخباريا عبر قناة العربية إبان عصر تفوقها الذهبي، قبل أن يرتد كل ذلك الى ما هو أقل من المأمول والمستحق !.
اليوم وعلي صعيد الاعلام الخارجي، واذرع اعلامية سعودية يفترض انها توجه إلى العالم والعالم العربي، فإن الازمة واضحة جدا في هذه الساحة، التي تعاني من فتور مهني وإعلامي غريب، وسط غياب مبادرات فعالة ومشاريع استراتيجية ، لا الوم احد ، فالملف الإعلامي كان بين تجاذبت لعلها تزول الآن، وبالتالي إنقاذ ما يمكن إنقاذه ..ولعلنا نتجه لاحقا لصنع منهج للدبلوماسية الشعبية، والارتقاء بالتعامل مع المؤثرين من مجرد استخدام ارتجالي وقتي وشخصي-ايضا الى فكر استراتيجي اذكى .
نحن في أزمة إعلامية تحتاج معالجة فائقة على الصعيد الخارجي أكثر ، وعلى المستوى المحلي بمؤسساته المعطلة ، رغم ما تملكه من إمكانيات ومحتوى وعلامة تجارية!
مشهد إعلامي مربك،بملامح لا تتجاوز جهد شخصيا هنا وهناك، لكنه متواضع جدا. المشهد يحتاج عاصفة حزم إعلامية ، لتعيد صياغته وتجعله جناح حقيقيا وسندا لرؤية ٢٠٣٠..!