تدفع السويد ثمن خروجها من سياسيات دول عدم الانحياز والتي لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، ودخولها تحت قيادة حكومتها اليسارية في لعب دورا خارجيا أكبر في مجال حقوق الإنسان. ويعتبر الكاتب ريتشارد ميلان في صحيفة فاينانشال تايمز، في مقال تحت عنوان السويد تدفع ثمن الصدق والأخلاق في سياستها الخارجية، أنه كان على السويد مراعاة مصالحها كدولة صناعية كبرى، في الأزمة التي نشبت بينها وبين السعودية. ويقول الكاتب إنه من النادر أن تؤدي سياسة خارجية لدولة إلى اثارة حفيظة دولتين مختلفتين كالسعودية واسرائيل في الوقت نفسه كما أنه من النادر أيضا أن يتم استدعاء 3 سفراء لدولة طالما عرفت بالحياد في القضايا السياسية خلال 6 أشهر وأن تتهمها دولة رابعة وهي روسيا بأنها سبب في تدهور الأوضاع في أوكرانيا. وخسرت السويد ما كسبته عربيا بعد اعترافها بدولة فلسطين، بعدما انتقدت وزيرة الخارجية السويدية وضع المرأة في السعودية، وكذلك حقوق الإنسان، في ضوء قضية الناشط رائف بدوي. وكانت قد أعلنت السويد اعترافها رسميا بدولة فلسطين في أكتوبر 2014 وقالت وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم حينها إن الحكومة ترى أن حق تقرير المصير للفلسطينيين هو الدافع وراء الخطوة بغض النظر عن عدم سيطرتهم على كامل أراضيهم، على حد تعبيرها. الأمر الذي أغضب إسرائيل التي اعتبرت الخطوة مثيرة للاستياء والانزعاج، ووصفه مسؤول إيسرائيل بأنه قرار لا طائل منه لا يساهم في امكان العودة الى المفاوضات، فضلا عن استدعاء السفير الاسرائيلي في العاصمة السويدية. واعتبره وزير الخارجية الإسرائيلي إفجادور ليبرمان قرار مؤسف، من شأنه فقط تعزيز العناصر المتطرفة وسياسة الرفض لدى الفلسطينيين. ويعتبر اعتراف حكومة يسار الوسط السويدية بدولة فلسطين أول اعتراف من نوعه من دولة عضو في الاتحاد الأوروبي رغم الضغوط الإسرائيلية والأميركية التي مورست عليه وبينما كانت السويد محل احتفاء عربي بسبب موقفها من القضية الفلسطينية، وجدت نفسها بين ليلة وضحاها أمام عاصفة دبلوماسية قادتها السعودية التي ضغطت لمنع إلقاء وزير الخارجية السويدية كلمة أمام القمة العربية. وتطورت الأزمة إلى تبادل فسخ اوجه التعاون بين البلدين إذ أعرب جلس الوزراء السعودي عن أسفه لصدور التصريحات السويدية، وعن أمله في ألا يضطر إلى مراجعة جدوى الاستمرار في العديد من أوجه العلاقات مع السويد. وكانت السويد قد أعلنت عدم تجديد اتفاق التعاون العسكري الموقع مع السعودية في 2005، وذلك بعد انتقاد لوضع حقوق الإنسان في السعودية أثار جدلا دبلوماسيا. لكن التصعيد الخليجي للموقف هدد كثير من الاستثمارات والوظائف وخاصة بعد أن الغت الرياض تأشيرات العمل للسويدين.