أبو بكر سالم لم يكن مجرد فنان مشارك وصوت جديد في بستان الأغنية العربية، بل كان فارساً مقداماً لكل جديد، ومنافساً لنفسه قبل الجميع، وختياراً للأغنية العربية وهو لم يتجاوز ربيعه الثالث.
أرخى أبا أصيل جناحه على تقاسيم العود ليُولد لنا نهاراً مجيداً يُشبه ما تحتاج الأغنية العربية من حكمة وضراوة معنى.
كان صوته حراكاً طارئاً على الحالة الفنية في الخليج، اجتمع الجميع في غرفة عملياته - ألحانه - ليشهدوا مولد كم هائل من الألحان والكلمات والمعاني التي لا يُجيدها إلا أولئك الذين يحملون الإلهام.
عندما يقف على المسرح يتحول إلى نوته موسيقية. حالة من شغف الآلة وهُتاف الجماهير، كان يتمايل مع الجمهور بينما تُداعب أنامله أنغام الكمان الهاربة من خلفه، ليرتدّ كـ خيلٍ جامح بكفّيه تصفيقاً وإشادةً بأداة الطبلة، ولم ينسى القانون الذي كان يحتضنه بتأوهاته الشاردة.
أبو بكر سالم، مسرح جدير، وفاتنٌ فنان، وعبقري موسيقي لم تستطع الفيزياء فهمه.
قام رحمه الله بتشريح جميع أغانيه وتشخيصها حتى وصل إلى مكامن الخلل في المعنى اللغوي، آتياً بالعلاج من خلال صناعة صوت ونبرة تُكمل المعنى الذي سقط سهواً في تشكيل اللغة.