على الرغم أن كثيرون يرون في قرار السعودية بشن حرب على اليمن قرارًا حكيمًا وأنها الطريقة الوحيدة لتحافظ فيها على نفوذها في المنطقة ، الإ أن آخرون يرون فيه قرارًا متسرعًا سيضر المملكة. تقول دويتش فيليه في ملفها عن مخاطر الرهان السعودي على الحرب في اليمن أن ملف السياسية الخارجية لمملكة بدأ يختلف ، منذ تسلم الملك سلمان بن عبد العزيز حكم السعودية ،والذي كان واضحا أن له رؤية مختلفة وجديدة . وأبرز تلك الملفات التدخل عسكريا في اليمن هو أحد القرارات التي يعتبرها بعض المراقبين تصعيد عسكري مباشر على عدوها التقليدي في المنطقة إيران ، فقد اكتفى العاهل الجديد بالحرب الباردة التقليدية بينه وبين خصمه الإقليمي الأول إيران. وهذا الأختلاف في السياسة الخارجية والتوجه الجديد انعكس على اسم الحملة العسكرية عاصفة الحزم" والذي يراه البعض طبيعة تعامل الملك مع ما تعتبره بلاده تهديدا لها. وهو ما يؤكده عبد الوهاب بدرخان الكاتب والمحلل السياسي المقيم في لندن. إذ يقول إن"عاصفة الحزم" تظهر أن السياسية الخارجية للسعودية أصبحت تتسم بالحزم وليس فقط بالسلبية. ويضيف في حوار مع DWعربية التطورات التي دفعت لهذه الحرب كانت موجودة في السابق أيضا لكن كان ينقص القرار،ولكن الملك الجديد أبدي الكثير من الإشارات بأن لديه استعدادا لاتخاذ القرارات، ساعده على ذلك المعطيات الإقليمية ففي ذلك الوقت لم يكن الوقت مناسب لشن حرب كهذه خاصة أن الوضع المصري لم يكن مطمئنا للسعودية بالإضافة إلى توتر العلاقات مع تركيا. ويقول بدرخان إن السعودية لم تكن تريد خيار الحرب لكنه كان الحل الوحيد أمامها ويضيف "هي لم تغامر في الواقع لأنها على دراية جيدة بطبيعة اليمن لكنها تريد جارا هادئا. أما الخطر الذي يطرحه هذا التدخل فلابد أن المملكة خططت لكيفية التعامل معه". ويوضح إذا ربحت السعودية الحرب ستكون لها كلمة مسموعة في اليمن، وستربح بلدا مجاورا في إطار النفوذ السعودي وليس الإيراني، وأن يكون اليمن على باب المندب كحارس لمصالحه ومصالح السعودية". من جهتها أيضا ترى إلينا سوبونينا مديرة مركز آسيا والشرق الأوسط في معهد الدراسات الإستراتيجية في موسكو أن السعودية تحاول بالفعل أن تبدي حزما أكبر في سياستها وهو ما قد ينعكس على الوضع ليس فقط في اليمن بل في سوريا أيضا. وتضيف في مقابلة أجرتها معها DWعربية " لكن كان يجدر بالسعودية التفكير مليا والتمهل قبل فاتخاذ قرار كهذا يحتاج لدراسة أكبر لأن نتائجه قد تنعكس سلبا على السعودية نفسها وعلى استقرار منطقة الشرق الأوسط خصوصا إن طالت هذه الحرب وتعتبر الخبيرة الروسية أن هذه الحرب هي بالفعل اختبار صعب بالنسبة للسعودية الآن ويظهر أن هناك سياسة سعودية جديدة يبلورها الملك الجديد، ". يذكر أن الهجوم الذي بدأته السعودية في 26 مارس الماضي بعد أن شكلت تحالفا من عشر دول، يهدف بالدرجة الأولى حسب المراقبين إلى التصدي لتنامي النفوذ الإيراني في اليمن. إذ أن إيران متهمة بدعم الحوثيين وهو ما تعتبره السعودية تهديدا لأمنها القومي. بينما بررت السعودية عمليتها العسكرية في اليمن بأنها تهدف لحماية الشرعية وتأتي بناء على طلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. وإذا كانت الأسباب الرسمية المعلنة لحرب اليمن هي إنهاء الانقسام اليمني وحماية الشرعية وفرض الحوار على الحوثيين فإن الأسباب الحقيقية تتجاوز ذلك برأي المتابعي نوأبرزها النفوذ المتنامي لإيران في المنطقة، فالأخيرة بسطت نفوذها في ثلاث دول عربية هي سوريا والعراق ولبنان، وكان تقدم الحوثيين المدعومين منها في اليمن - الذي تعتبره السعودية بمثابة حديقتها الخلفية - القشة التي قصمت ظهر البعير. كما يقال. ويقول بدرخان بهذا الخصوص "عاصفة الحزم هي أول تحذير مباشر لإيران بأنها تجاوزت الحدود كثيرا فهي تتذرع بمظلومية الشيعة بينما هي تبحث فقط عن نفوذ إقليمي ومشروعها في المنطقة ليس واقعيا فهي تتجاهل أن الواقع العربي تغير".