2015-10-10 

بهتان السيد

مشاري الذايدي

أصدق كلمة قالها أمين حزب الله، حسن نصر الله، في مقابلته مع «الإخبارية السورية» الرسمية، أن سياسة النأي بالنفس في لبنان، هي «كذبة كبيرة». نصر الله قال هذا ليسوغ تدخل ميليشيا الحزب التابع لولاية الفقيه الخمينية في سوريا، وأنه كان يحمي وجود المقاومة، وهي - أي المقاومة - الشفرة السرية لاستباحة كل حرمة، وتلويث كل خصم. تحدث أمين الحزب الإلهي بإسهاب ليقدم رؤية الحزب، ومن خلفه إيران، لطبيعة الصراع في المنطقة، والغريب أنه أكد على أن الصراع هو في الحقيقة سياسي لا ديني، وقد صدق في ذلك، إلا أنه انتقد من يوظف «العناوين» الدينية في هذا الصراع! هذا كلام لا ينقضي منه العجب، فحزب الله، بداية باسمه نفسه، ونهاية بكونه جزءا عضويا من النظرية والجمهورية الخمينية، هو أبرز مثال على توظيف الدين في السياسة، والخصومات، وقد دخلت ميليشيا حزب نصر الله في سوريا تحت هتافات: لبيك يا حسين، فضلا عن أن بنية الدستور الإيراني نفسه معجونة بالطائفية الدينية الشيعية! الأغرب من ذلك كله هو الجرأة التي تحلى بها السيد نصر الله، وهو يتحدث عن براءة إيران وحرسها الثوري وفيلق قدسها وقاسمها السليماني، من كل ما يجري في المنطقة، بما فيه لبنان، وأن إيران مجرد دولة مؤيدة لحقوق الشعوب في الحرية. على ذكر اليمن والحوثي، نفى نصر الله، ولم يطرف له جفن، وجود علاقة بين إيران والحوثيين، وأنه هو شخصيا - لا فض فوه - لم يعرف أصلا بالحوثي وجماعة أنصار الله، وربما حتى بوجود شيء اسمه زيدية، بل وربما اليمن نفسه، إلا بعد اندلاع الحروب الحوثية الست. علاقة إيران بالحوثيين أوضح من عين الشمس. وما قاله العميد عسيري المتحدث باسم عاصفة الحزم عن أن الإيرانيين وعناصر حزب الله دربوا المسلحين الحوثيين وأمدوهم بالسلاح، صحيح. بحسب وكالة «رويترز» فقد ذهب مئات المقاتلين الحوثيين لإيران بغرض التدريب لدى الحرس الثوري، وتلقى كثير منهم تدريبات بلبنان لدى حزب الله. بعد نهاية الحرب بين شمال اليمن وجنوبه 1994 سافر الوالد بدر الدين وابنه حسين الحوثي لبناء العلاقة مع إيران، ومكث الوالد سنوات هناك. في عهد المزال علي عبد الله صالح، حليف الحوثيين حاليا، ضبطت سفن إيرانية، أكثر من مرة، لإمداد الحوثيين، وصالح نفسه تحدث عن ارتباط بدر الدين الحوثي وصلاح فليتة بإيران. ذهب الإفساد الإيراني كثيرا، وكان حزب الله في لبنان شريكا أساسيا في هذا الإفساد، فطبقا لاعترافات تلفزيونية بثت في مارس (آذار) 2009 ذكر محمد العوفي، وهو قيادي سعودي في تنظيم القاعدة باليمن، سلم نفسه للسلطات السعودية، أن الاستخبارات الإيرانية قدمت الدعم لهم، لضرب السعودية، من خلال الحوثيين. مايو (أيار) 2005 أصدرت محكمة أمن الدولة في صنعاء حكما بالإعدام على أحد أنصار الحوثي وهو يحيى حسين الديلمي بعد إدانته بتهمة التخابر مع إيران. الشمس لا تغطى بغربال، والقوم أمرهم صراح. * نقلا عن "الشرق الأوسط"

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه