المشكلة مع الرئيس عبدالفتاح السيسي أنه «آدمي» باللهجة اللبنانية... يعني أنه لطيف مهذب معتدل، و»ابن بيت» مرة أخرى باللهجة اللبنانية، يعني أنه ابن أصل. جميل جداً أن تكون هذه الصفات في حاكم عربي، فقد اعتدنا في أكثر بلادنا أن نرى المستبد الأعمى لا المتنوِّر. وأطالب الرئيس السيسي بأن يحافظ على دماثة أخلاقه التي تجعل غالبية مصرية تطمئن إليه، ثم أطالبه بالحزم. قتل إرهابيون 13 جندياً مصرياً في سيناء، وقتلوا شرطياً في القاهرة، وسيقتلون غيرهم في كل مرة يجدون فرصة. الإرهابيون أعداء الاسلام والمسلمين، حلفاء إسرائيل وكل عدو لمصر والأمّة. هم يدّعون أنهم مسلمون سنَّة ثم يقتلون جندياً لا بد أن يكون مسلماً سنيّاً مثلهم. لا يحق لهم قتل أحد، سواء كان مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً، غير أن الفكر الارهابي لا يقوم إلا على الارهاب المجرم. وخدمة «مودي» رفعت تصنيف مصر للاستثمار بعد القمتين الاقتصادية والعربية فلا نريد أن يدمر الارهابيون التصنيف العالي الجديد. عندي اقتراح للرئيس السيسي: لماذا لا يأمر بتفريغ شمال سيناء (شبه الخالي) من السكان؟ كل مَنْ يبقى في المنطقة بعد موعد محدد معلن يُقتَل من دون أن يُسأل عن هويته أو ماذا يفعل في منطقة محظورة. العنف لا يُحارَب بالأخلاق الحسنة، وإنما بعنف مثله أو أكثر. أعتذر قبل أن أكمل، فالرئيس السيسي عسكري محترف، ويحمل أعلى شهادات المهنة التي اختارها لنفسه قبل الرئاسة. أما أنا فمجرد مواطن عربي يحلم بأمة أفضل وبأيام أفضل لمصر والمصريين، من دون أن يكون لي جزء بسيط من خبرة الرئيس المصري العسكرية والسياسية. لا أريد أن تستمر مكافحة الإرهاب في مصر عشر سنوات كما حدث في تسعينات القرن الماضي. أتمنى أن يضرب الحكم في مصر بيدٍ من حديد، أن يخيف الإرهابي، ومَنْ يقف وراءه، ومَنْ يؤيده علناً أو سراً. رضا الناس غاية لا تُدرَك، ورضا الأعداء مستحيل، وأنصح رئيس مصر بألا يحاول، فهناك مَنْ سيهاجم أو ينتقد أو يعترض في كل حال. وقد كتبت غير مرة عن حملات الميديا الاميركية. وأختار اليوم جهة غير متهمة هي منظمة العفو الدولية فقد وزعت تقريراً عن أحكام الإعدام الصادرة سنة 2014، وقرأت أن نيجيريا في المقدمة والرقم 659، ومصر ثانية و509 أحكام إعدام، وإيران سادسة و81 حكماً، والولايات المتحدة سابعة و72 حكماً. ما لا تظهره هذه القائمة أن أحكام الإعدام في مصر لم تنفذ إلا ضمن أضيق نطاق. وفي قائمة ثانية للمنظمة نفسها عن تنفيذ أحكام الإعدام سنة 2014، نجد إيران في المقدمة وقد نفذ 289 حكماً بالإعدام، والسعودية والعراق والولايات المتحدة والسودان واليمن كلها تسبق في التنفيذ مصر التي تحتل المركز السابع و15 حكم إعدام نفّذت. وأغامر وأقول إن غالبية الذين أعدِموا اتهموا في جرائم غير الإرهاب. ما سبق كله مهم وفي أهميته أو أهم باب المندب، فأطالب الرئيس السيسي بمرابطة قوة بحرية مصرية في منطقة عدن لحماية هذا الممر المائي البالغ الأهمية. الرئيس المصري نفسه قال إن بلاده لن تسمح بإغلاق باب المندب، وهو أرسل وحدات بحرية الى المنطقة، فأتمنى بأن يكمل بقاعدة بحرية، وربما مع حراسة طائرات مقاتلة، والأفضل أن يكون هذا الجهد من ضمن القوة العربية المشتركة. سبق أن أشرت في هذه الزاوية الى الأمير بشير الشهابي الكبير، وأريد أن أحكي عنه لرئيس مصر. هو في الحكم بطش بعمّه يوسف وابنيه وبالشيخ رشيد جنبلاط (الذي كان الدروز يسمونه عمود السما) وبآل باز جميعاً، وعندما عوتِب قال: الظلم أهون عاقبة من رخاوة الحكم. لا أطلب من الرئيس عبدالفتاح السيسي أن يظلم أحداً، وهو لن يفعل، ولكن أحضّه على ممارسة الشدّة والحزم والحسم لأن الوضع الخطر الحالي يتطلب رداً من مستواه. * نقلا عن "الحياة"