قبل أسابيع قليلة اتصل علي احد الصحفيين اللبنانيين مستغربا ماكتبته على موقعي على تويتر من أنني كفرت بلبنانيتي بل وتحررت منها بعد ان ارغمت على ترك وطني بسبب كثير من التهديدات التي طالتني وعاىلتي بسبب مواقفي الصحفية التي اعلنت فيها غير مرة ان بلدي لبنان أصبح بلدا فارسيا بامتياز وانقطع عن محيطه العربي وأصبح قراره في يد المرشد الايراني وكم كان ذلك الصديق الصحفي صادقا عندما ذكرني بالاغنية الشهيرة التي يرد ضمنها القول الذي يتردد اليوم على لسان كل لبناني وهو(ان الثورة تولد من رحم الأحزان )....وما كان يخطر لابباله هو ولاببالي انا ان الشعب اللبناني هو على وشك الانفجار الذي سيولد من خلاله(لبنان اللبناني ) كما كان يقول دائما الشاعر(سعيد عقل ).....يومها دعاني ذلك الصديق إلى العودة الى كتابة المقالات الصحفية لكنني رفضت قاءلة ان مواقفي اعلنها من خلال تغريداتي اليومية وان لبنان لم يعد لنا بل أصبح (محافظة فارسية خمينية )........اليوم قامت الثورة اللبنانية التي لن تكون مثل بقية الثورات لا التي قامت في العالم العربي ولا التي سبقت ثوراته...فلا الانسان اللبناني كغيره...لا في الأحلام ولا في الانجازات ...ولاطاءر الفينيق يشبه في أحلامه بقية الطيور......لقد بدأت إرهاصات عودة لبنان إلى الينا وعودتنا إليه. ..نحن الشعب اللبناني الحقيقي......كانت هذه مقدمة لابد منها لمن سيسألني لماذا تعودين الى كتابة المقالات المطولة؟ولماذا يعود لبنان الى فكرك وقلبك؟ لكن يبقى الاهم هو لماذا هذه المقالات عن الشأن الجاري في لبنان...؟لأن لبنان عائد وسيعود الى محيطه العربي وليس الغزو الفارسي المقيت الذي يريد كل اللبنانيين أشلاء دماء لمشروعه اللعين.......سأتكلم في مقالي هذا عن الإستراتيجية التي أدركت من خلال متابعتي للأحداث اللبنانية منذ ال17من الشهر الماضي ان حزب الله ورئيس العهد ومن حوله ينتهجونها وانتهجوها للقضاء على هذه الثورة. ..لقد بدأ حزب الله استراتيجيته لمواجهة هذه الثورة بعد ساعات من الارتباك الذي أصابه هو وكل من يحيط بما يسميه الوزير المنبوذ شعبيا جبران باسيل بالعهد القوي.....بدأ تلك الإستراتيجية بما تعرفه كل أوساط ذلك الحزب داخل عقائدهم ب(التقية السياسية ) عبر الاعتراف الجزئي بان هذه الثورة هي في مجملها -حتى الان-حراك شعبي لم يرتبط بالسفارات حسب المعلومات التي بين أيدينا حتى هذه اللحظة....وهذا ماقاله بالنص الأمين العام لذلك الحزب ليترك مساحة مقبلة للتهم الجاهزة عبر ربط هذه الثورة بالسفارات التي -وياللمفارقة-كانت حتى تلك الساعات تدعم حكومة الرئيس سعد الحريري علنا ودون مواربة.
..أما حزب (العهد القوي )ومايسمى بالتيار الوطني الحر فلم يتحملوا رفض كل الشارع اللبناني لاعلامهم الكاذب والذي أصبح يستنسخ التجربة الإعلامية السورية خلال الثورة والتي كان الإعلام السوري يتنفس فيها الكذب ليل نهار ونرى شبيحته يؤيدون الرئيس في مظاهرات عديدة يتنقل فيها الشخص الواحد بين ان يكون أكاديميا تارة وتارة أخرى رجل امن وطورا تاجراتسببت المظاهرات في تأخر وصول بضاعته إلى العملاء....وليكون إعلام التيار الوطني الحر قائما على ان أهل طرابلس نزلوا إلى التظاهرات بسبب ان هناك 100ألف (قطعة كنافة )توزع عليهم يوميا كما قالها بكل وضوح قيادي في التيار الوطني الحر...لقد اعتمد العهد بداية على ان الموقف الأولي لأمين حزب الله سيحميه من كل تبعات قادمة بل واضطر بعد الكلمة الأولى والخطاب التهديدي الأول للحاكم الفعلي للبنان ان ينفذ العهد وبالحرف ماقاله السيد نصر الله في خطابه من الدعوة إلى جعل رأس لهذا الحراك الذي يرفض العهد حتى الآن تسميته بالثورة. .....لقد ظن العهد وتياره ان (الوحش الرادع )المسمى(حزب الله )سيكون هو العصى التي تقضي على هذا الحراك حتى يعود اللبنانيون إلى بيوتهم ويغلقوا على أنفسهم خشية ان تطالهم سطوة حزب الله فتقضي على كل أحلامهم....لقد أراد الحزب والسيد والعهد في الأيام الأولى ان يضعوا شروطا على ثورة وتظاهرات اتتهم من حيث لايحتسبون فتخبطوا في محاولة البحث عن (التكييف والتوصيف ) لخصم معلن لهم واظهاره للمتابعين حتى ينتهي هذا الخصم بقضاءهم هم عليه عبر وساىلهم التي لاتخفى على اللبنانيبن سواء داخل لبنان او في المحيط الإقليمي المجاور......ولما لم تنجح هذه(التقية السياسية )انتقلت الإستراتيجية إلى نقطة جديدة هي الاعتراف بأن الفساد موجود ولكن السيد وحزبه الإلهي أطهر وانقى من كل شي واما العهد وتياره فهم اهل الإصلاح وكل الباقين في لبنان هم فاسدون و(كلن يعني مش كلن ) وكأن تغطية الفساد الذي يقوم به حزب الله من خلال المعابر المفتوحةوتهريب الأموال وتهديد النظام المصرفي وقد رأى الجميع التهديد العلني للمصارف الذي أعلنته صحيفة الاخبار التابعة لذلك الحزب قبل ثلاثة ايام من بدأ الثورة التي باغتتهم...وكأن كل ذلك ليس بفساد...
أما فساد العهد فحدث ولاحرج حيث التراجع الاستثنائي في مستوى المعيشة والظروف الاقتصادية المهلكة للشعب اللبناني بل وانهيار الخدمات على صعيد العديد من القطاعات التي يتولاها وزراء في تيار العهد....لقد كان إصرارهم بل وتهديدهم للرئيس سعد الحريري بضرورة عدم استقالة الحكومة هو لأجل الإبقاء عليه شريكا لهم في أخطائهم وخطاياهم ليبقى فسادهم مقننا ودستوريا لكن الذي غاب عنهم في استراتيجيتهم هذه في نقطتها الثانية والتي هي الاعتراف بوجود فساد ان الانسان اللبناني بعد ان سلبوه شروط الحياة الكريمة وبعد أن أدرك ان الطبقة السياسية بزعماءها جميعا قد دمروا تطلعاته في قيام دولة محترمة في الحد الأدنى حيث دولته تعاني الفشل التام في كل الخدمات الطبيعية في اي بلد....هذا الانسان قد أيقن ان ساسته هم رأس الفساد والهدر وان لبنان لايمكن ان تقوم له قائمة اذا لم تخرج هذه الطبقة السياسية بالكامل ليحكم لبنان أبناءه من الاختصاصيين غير الحزبيين الفاسدين.......بعد ذلك انتقلت الإستراتيجية إلى مرحلة جديدة قائمة على الحزب دون التيار عبر التهديد والاعتداءات هنا وهنالك وحرق خيم المتظاهرين والتلويح بالحرب الأهلية ورفع الإصبع (والي بدو يفهم انو تهديد فيه يفهم متل مابدو )إلى جانب التهديد الصريح بأن نزولنا إلى الشارع يقلب كل المعادلات....هل هناك ياسادة تهديد أوضح من هذا لمن أراد أن يسمع؟إنه تلويح واضح على قادة الجيش اللبناني ان يفهموه وهو ان على الجيش تفريق المتظاهرين وتشتيتهم هنا وهناك وحصرهم في أماكن محددة وعليهم ايضا اي-قادة الجيش -ان يفتحوا الطرقات وان فشلوا في في هذا الأمر فستتولى فرقة(الباسيج ) المسيطرة على لبنان تدمير مواقع تلك التظاهرات والاعتصامات سواء بخراطيم المياه او بملء الشوارع بالدماء كما فعل قادة الباسيج في طهران عام1979 عندما قتوا 76ألف إيراني في أيام قليلة.....وحتى يهيا الحزب لهذه النقطة ضمن استراتيجيته هذه دعا أنصاره إلى الانسحاب من الميادين ليكون الانقسام الطائفي هو شعار البلد في قادم الأسابيع والاشهر في حال فشل الجيش اللبناني كما قلنا قبل قليل في إنهاء هذه التظاهرات......لقد قال زعيم حزب الله عشية تدخله في سوريا أنه لايمكن لكم أيها الساسة اللبنانيون ان تتصورا ان حزب الله سيسمح لكم ان تكسروا ظهره في سورياواتركونا نتقاتل هناك وليس في لبنان...واليوم هو يدرك ان أكثر تيار سياسي ستفتك به هذه التظاهرات في حال استمرارها هو حزبه حيث ان مشغله الإيراني لن يسمح بسقوط ذراعه في لبنان مهما كلف الأمر لأن الفوائد السياسية التي يجنيها من وجوده في البرلمان لاتخفى على اي سياسي مبتدئ. ...
وقد رأينا جميعا المظاهرات التي قام مناصرو حزب الله وحركة امل في مدينة النبطية بفضها بينما كان الجيش اللبناني يقف عاجزا في تلك اللحظة عن التدخل وكأنها وماحصل بعدها في حرق الخيم في ساحة الشهداء ورياض الصلح بروفة لماينتظركم أيها اللبنانيون في حال لم تقبلوا بإنهاء الجيش اللبناني لتظاهراتكم هذه بالصيغة التي امليناها نحن عليه...
ومامن مراقب او باحث سياسي يخفى عليه الأسلوب الذي يتعامل به الجيش اللبناني في مناطق سيطرة حزب الله كالضاحية الجنوبية والجنوب بأكمله حيث ان المتظاهرين في هذه المناطق هم خارج حماية الجيش اللبناني بالمطلق....في تلك اللحظات وجد التيار الوطني وحماة العهد ان مظاهرات الشارع المسيحي تظهر ان هذا الشارع قد لفظ زعماءه وان اي انتخابات لاحقة لن تؤتي نتيجة تناسبهم وأنهم عاجزون عن منع الناس من النزول إلى الشارع المقابل والذي هو الشارع الشعبي الذي يلعن كل القادة اللبنانيين....
عندها قاموا بتجيييش كل المظاهرات الممكنةلتصل إلى قصر بعبدا تأييدا ل (بيي الكل )الذي اختصر كلامه القليل في أنه قال انه بات من الضرورة إعادة النظر بالواقع الحكومي الحالي وجعل كل الكلام لصهره الذي دمر علاقات لبنان بمحيطه العربي وجعل لبنان بلدا مفلسا بسبب كلامه اللامسؤول وآخره وصفه لأكثر من مليوني لبناني بأنهم مخربون....وهم في شدهم على العصب الطائفي هنا يتقاسمون مع حزب الله أسلوبه في حال وجد ان الطرف الآخر قد حشره في الزاوية وهو الذي لم يستطع إقناع المتظاهرين بان يجعلوا لهم قيادة يسميها هو لاحقا بالطرف المقابل او الخصوم ...
ومهما يكن من أمر فإن هذه النقطة ضمن هذه الإستراتيجية والتي يمكن ان نطلق عليها(اللجوء إلى اللبناني المنغمس بالطائفية )هي الخطأ الاكبر الذي لجأ اليه العهد وحزب الله في محاولة قضاءهم على هذه الثورة...فقد ادرك اللبنانيون جميعا ان افقارهم كان هدفا لتلك الطبقة السياسية المجرمة من اجل ان يكونوا وقودا لحروبهم الطائفية ضد خصومهم بعد ان يمسكوا بلقمة عيش مناصريهم واتباعهم....
لقد ايقن اللبنانيون ان الطائفية هي نقيض نجاح الحياة الاقتصادية وديمومتها وان الموزاييك الطائفي في لبنان لابد ان ينتهي...لقد استنفد العهد وحزب الله كل الاستراتيجيات الممكنة لشيطنة هذه الثورة ولينتفض لبنان وينهض من رقاده الطائفي الذي استمر منذ العام 1943 وليكون لنا لبناننا ولنكون لبنانيين قبل كل شي ...انه لبنانكم ولبناني ايها الثوار مهما تمادت استراتيجياتهم المتتابعة ليلغوه ويلغونا.....