عملية الهجوم على سائحي متحف باردو بتونس هي إبداع جديد في مجالي الإرهاب والأذى الشديد، حيث لم يتم الهجوم على حافلة تحمل في الأغلب سواحا من بلد واحد، بل عمدوا إلى الهجوم على متحف به سواح من اوروبا وآسيا واستراليا واميركا اللاتينية، ويقع في العاصمة بالقرب من مبنى البرلمان التاريخي، وهو ما يخلق فرقعة إعلامية كبرى تحد من قدوم السائحين من مختلف دول العالم لتونس. في التسعينيات، تعرضت مصر لعنف مماثل، حيث كانت ساحة لسلسلة اعمال ارهابية، اشهرها حادثة المتحف المصري بقلب القاهرة في سبتمبر 1997 تلتها مذبحة الاقصر في نوفمبر 1997 والتي أقيل بسببها وزير الداخلية حسن الالفي وحل محله حبيب العادلي، وبدأت بعدها الدولة المصرية في حرب فاعلة ضد الارهاب أدت الى مراجعة الجماعات المتطرفة لنفسها ونبذها العنف وجعل مصر احدى الدول الاكثر أمنا في العالم وعودة السائحين إلى مصر. في تلك الفترة، التقينا كوفد اعلامي كويتي بوزير مصري مختص، سألته: كيف استطاعت مصر ان تتحول من بلد أسير للارهاب الى بلد آسر للارهاب في فترة قصيرة حتى توقف او كاد؟ وكانت اجابته بمنزلة وصفة مجربة وفاعلة للقضاء على الارهاب، وكان مما قاله: اننا نجحنا في ان نربط بين الارهاب ومستوى معيشة الناس كي يشاركوا معنا في محاربته، فلا يستطيع الأمن وحده النجاح دون مشاركة كل افراد الشعب. وأضاف: لقد حولنا انفسنا من الاهتمام بالارهابي الى الاهتمام بالمصنع الذي ينتجه، اي بعض المدارس وبعض الجوامع، حيث وجدنا ان هناك ائمة ومدرسين أشبه بمصانع إرهاب، حيث لا يلتزم مدرس الدين بمنهج الدين الرسمي المتسامح، بل يحرض ويؤجج ويدرس التطرف ومعه احيانا مدرس مواد اخرى كالعلوم والتاريخ والجغرافيا.. الخ، وقد قمنا بإبعاد هؤلاء عن المدارس، كما أبعدنا بعض من يستغلون المساجد الرسمية وغير الرسمية لتسويق الارهاب. ومما قاله الوزير المصري المختص إنهم غيروا السياسة غير المثمرة التي تفرض القبض على الإرهابيين القتلة أحياء كي يدلوا على من جندهم، حيث انهم في الاغلب يتكونون من خلايا صغيرة لا يعرف بعضها بعضا، الا ان القبض عليهم أحياء فيه تفريط بدماء رجال الامن كما ان فيه تشجيعا للارهابيين الآخرين ماداموا قد علموا انه سيحافظ عليهم أحياء، وهناك ضرر آخر، فإيداع الارهابيين السجون يعني ان تصبح المعتقلات مصنعا آخر للارهاب، حيث سيتحول الجهلاء والسذج من النشالين والسارقين ومخالفي المرور الى إرهابيين، لذا فالسياسة الصائبة هي «الضرب بالمليان» والقتل هو الجزاء العادل لمن يقتل المواطنين والسواح ورجال الامن. آخر محطة: (1) مما أوصى به الوزير المصري المختص ضرورة «اختراق» الجماعات الإرهابية عبر إرسال من يدعي التطرف لأماكن تواجدهم، وكذلك العمل على إنضاج بعض العمليات الإرهابية من قبل هؤلاء العملاء قبل أن تنضج للقضاء على الإرهابيين. (2) هناك كثير مما قاله الوزير المختص لا يصلح للنشر، وإن كان ملخصه مقابلة الشر بالشر والمكر بالمكر والعنف بالعنف وتفاصيله نهج فعال جدا في محاربة الإرهاب والقضاء عليه. *نقلاً عن "الأنباء"