من عالم العلاقات الدولية إلى دنيا التمثيل
ظلت المواهب تتوهج بداخلها وهي تتلمس خطواتها الأولى على مسيرة الإبداع، ولم يكن الفن قد تبلور شكلاً ولوناً، لكنه كان ينمو ويترعرع ويبحث عن مساراته صوب الأضواء، هكذا بدت ملامح الفنانة ندى توحيد في بداياتها الأولى قبل أن يصل فنها وإبداعها إلى المنابر ومنصات الإعلام والمحافل، وأنظار وقلوب الجماهير.
وتبقى الثقافة والفكر واتساع المدارك والثقة بالنفس من أبرز حاضنات الإبداع والتميز والتفوق في مختلف الفنون، لذا كانت المحطة الأولى للفنانة هدى هي دراسة العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية في الشارقة، حيث كانت تتوق لتعلم الكثير عن الشئون والقضايا الدولية، وكان اهتمامها ينصب بدرجة كبيرة في هذا الاتجاه، لكنها لم تمض في هذا المجال أكثر من عام ونصف العام، فجذبها الإعلام وسحبها بشكل تدريجي نحو بريقه وأقسامه المتنوعة واستفادت من دراساتها الدولية (القصيرة) في اقتحام مجال الوسائط المتعددة، ودرست هذا التخصص في جامعة البحرين، وآثرت جانب الإخراج الفني، ونجحت في إخراج العديد من الأفلام القصيرة خلال فترة الدراسة، وبالفعل كانت أفلاماً جسدت نبوغ هذه الموهبة منذ وقت مبكر.
وهي ما زالت تحتفي ببواكير هذا الإنجاز، ولم تكتف به كإبداع، ومازال التطلع يخطف أبصارها إلى الأمام، ويجعلها تحدق بوعي نحو الأفق البعيد بكل الطموح والتفاؤل الذي قادها إلى مشاهدة إعلان لفيلم قصير بعنوان (شعر قصة عشب) من أخراج المخرجة مها الساعاتي، وبكل الثقة بالنفس والقدرات والرغبة في تحقيق المزيد من التفوق والإبداع، والموهبة المتوهجة التي كانت خلف هذ الحماس الهادئ والخطوات الثابتة نحو الفن، أرادت ندى أن تخوض تجربة التمثيل دون تهيب أو تردد أو خوف من مآلاتها، بل كانت الثقة في تحقيق النجاح تدفع بها لاقتحام المجال وإبراز إمكانياتها الفنية بشكل إحترافي رصين، وبالفعل تم قبولها في الدور الرئيسي للفيلم، وقد أبرزت تلك التجربة الغنية الزاخرة بالابداع النضوج الحقيقي للفنانة ندى توحيد فناً وثقافةً وموهبةً. وشكلت نقطة تحول مهمة في مسيرتها الفنية على الصعيد الشخصي، وعلى المستوى الفني لأعمالها المستقبلية، وهذا جعلها تلتفت إلى هذا الجانب من الفن وتمنحه المزيد من الإهتمام والوقت والجهد والتركيز.
التميز لم يكن قاصراً على إبداعها الشخصي وحسب، بل كان الفيلم متميزاً من الناحية الفنية، مما جسد قدراتها الذاتية، وجعل دورها المحوري ذا أثر فاعل وإسهام حقيقي في النجاح الذي حققه الفيلم الذي طاف العديد من المهرجانات السينمائية في أمريكا وعدد من الدول الأوروبية، كما تم عرضه في مهرجان الأفلام السعودية، ولفت انتباه المنتجين والنقاد ونال نصيبه من الاهتمام الفني والإعلامي، وتم اختياره ضمن الأفلام التي ستحظى بالعرض في مهرجان البحر الأحمر السينمائي القادم بإذن الله.
هذه الأفلام القصيرة التي أخرجتها الفنانة ندى توحيد، أو التي شاركت فيها، لم تكن هي غاية طموحها ورغبتها بل لم يكن إبداعها المبكر قاصراً على هذه الأعمال، رغم تميزها ونجاحها الملموس وموهبتها التي لفتت إليها المنتجين والمخرجين، فكانت خطوتها التالية الاتجاه إلى الأعمال التلفزيونية فخاضت أول تجربة لها في هذا المجال من خلال مسلسل من إخراج المخرجة هناء العمير، بجانب الممثل الكبير عبد المحسن النمر، حيث يتضمن العمل الدرامي قصة تعرض شخصية عبدالمحسن النمر لحادث، وتتناول أحداث المسلسل كيفية تعامل أفراد الأسرة مع الموقف بما فيهم إبنته (ندى) ويبرز المسلسل المكون من تسع حلقات كيف يتعامل كل منهم من زاويته الخاصة، بحيث تتناول حلقة موقف كل فرد من الحادث، وسوف يعرض هذا العمل الكبير في القريب العاجل بإذن الله من خلال منصة عرض إلكترونية.
وتواصل الفنانة ندى إبراز مواهبها المتطورة، وقدراتها الفنية الصاعدة، وتخوض في الوقت الحالي تجربة عمل تلفزيوني جديد (الميراث) وهو مسلسل سوب أوبرا يتكون من 250 حلقة سوف يعرض على قناة MBC ، وتمثل ندى فيه دور شخصية هبة الفتاة المراهقة التي تعاني من فقدان الثقة بشكلها الخارجي، حيث يؤثر هذا الأمر على حياتها وأسلوب تعاملها مع محيطها الاجتماعي.
هذه التجربة الراهنة ارتكزت على مخرجات الخلفية الثقافية، والموهبة المتنامية، والاستفادة من التجارب الماضية سواء على صعيد التمثيل أو الإخراج في المجالين السينمائي والتلفزيوني وكل ذلك شكل مزيجاً من الخبرات الشابة المتراكمة والقدرات والمواهب الإبداعية الطموحة فأسهمت في جعلها تجربة أكثر نضجاً وتميزاً، وهي بلا شك تعزز الرهان على المستقبل الفني الزاهر للفنانة ندى توحيد التي تخطو بثبات نحو النجومية المبهرة.