جاء الظهور الهادئ والحكيم للأمير بندر بن سلطان على شاشة قناة العربية وهو رجل الاستخبارات والدبلوماسية السعودية أشبه بشيخ يهب تجاربه ووثائقه لأبنائه ولأحفاده بعمق وعقلانية بعد مشوار متعدد ومحطات مختلفة حول العواصم العالمية ليجلس على كرسي الحكمة ويحدثهم بقوة المنطق ومنطق القوة للتاريخ السعودي تجاه القضية الأهم والأبرز منذ نشأة الدولة السعودية.
كان حديث الأمير واضح وكاشف للأوراق حول القضية الفلسطينية بتسلسل تاريخي مبني على الحقائق التي وقعت في الغرف المغلقة للرؤساء ووزراء الخارجية للدول المعنية، والتي لا يعلمها الكثير من الشعوب منذ بداية القضية وتزامنا مع التغيرات الدولية والإقليمية في المحيط العربي والتي قدمت فيها الرياض كل ما تستطيع مادياً ومعنوياً بلا قيد أو شرط.
الحديث موجه بالدرجة الأولى للشعب السعودي وخصوصاً الجيل الحالي "الرقمي" والذي أصبح في حالة تماهي مع منصات التواصل الاجتماعي المتعددة وحالة الإعلام المكثف والمعلومات الغزيرة، ليدرك وهو يعلم أن الجهود الفاعلة والدائمة والمبادرات السعودية تجاه الأشقاء الفلسطينيين والتي قدمها ملوك المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وأن الدعم السعودي لفلسطين وشعبها راسخ ومستمر.
كشف الأمير بندر في حديثه ذو الأجزاء الثلاث النقطة الأهم وهي مصادر تعقيد القضية وخسارتها الكثير من الفرص السانحة بسبب غياب الدبلوماسية العربية الواقعية والتناظر بين القيادات الفلسطينية والذكاء الدبلوماسي الإسرائيلي والمتاجرة الإقليمية بهذه القضية الحيوية.
السياسة الخارجية السعودية بأدواتها وسلوكياتها الواقعية أضحت أكثر اهتمام بالأجندة الوطنية والأولويات الأقليمية والمصالح المشتركة دون اهمال لأي طرف ولكن ليس على حساب الأمن الوطني السعودي والمصالح الوطنية والإقتصاد الأهم في منطقة الشرق الأوسط مع الالتزام بالقوانين الدولية والمعاهدات والأخلاقيات الانسانية.