المحاولات المستمرة والممتدة لجماعة الحوثي لاستخدام القوة العسكرية المميتة و توسيع نطاق العمليات العسكرية العدائية باستهداف المدنيين المحميين والأعيان المدنية غير المستخدمة بشكل مباشر أو فاعل في هذه العمليات العدائية العسكرية ، يُعد خرقاً جسيماً لقواعد القانون الدولي الإنساني ، وتحديداً القواعد العرفية لذلك القانون والتي أقرتها الممارسات الدولية للدول ، فضلا عن المواثيق الدولية المختلفة للقانون الدولي الإنساني ، وأدرجتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قائمة قواعد القانون الدولي الإنساني ذات الأساس العرفي .
تحاول أيضا جماعة الحوثي أن تبرر خروقاتها الممنهجة وذات النطاق الواسع في استهداف المدنيين و الأعيان المدنية أن تسبغ غطاء شرعي علي هذه الخروقات الجسيمة بحجة الدفاع عن النفس خروجا عن المتطلبات الضرورية اللازمة للجوء للدفاع عن النفس ، والمتطلبات الضرورية سالفة الذكر حددتها بصياغة قانونية لا تقبل أي تأويل أو تزييف المادة 51 من ميثاق منظمة الأمم المتحدة، التي استلزمت حالة الدفاع عن النفس بممارسته واللجوء إليه من قبل الدول وليس الفاعلين من غير الدول ، وأكدت ذلك محكمة العدل الدولية الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة الأمم المتحددة في عام 2002 خلال رأيها الاستشاري بخصوص الجدار العازل الإسرائيلي .
إن قابلية تطبيق قانون النزاع المسلح هو المفتاح لتحديد شرعية الضربات الحوثية سواء تمت هذه الضربات بواسطة الطائرات المسيرة أو الصواريخ ، وبالنظر إلي أنه أثناء النزاع المسلح ، يحق للطرف المحارب استهداف العدو وقتله عمدًا طالما تم استيفاء المتطلبات الأخرى لقانون النزاعات المسلحة ، لكن يظل المعيار الأول لقياس مدي شرعية القتل هو حظر استهداف المدنيين غير المحاربين الذين لا يشتركوا بأي شكل مباشر أو فعال في النزاع المسلح سواء أكان دوليا أو غير دوليا .
إن الإدانات الفورية lالتي ما فتئت تصدر عن الدول و المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية التي تدين بأقصى عبارات التنديد لهذه الخروقات الجسيمة التي ما انفكت تقترفها جماعة الحوثي غير عابئة بالحرمة التي أسبغها القانون الدولي الإنساني علي المدنيين والأعيان المدنية تهدف بشكل رئيسي إلي دحض أي مبرر أو مسوغ أو شرعية تحاول الحوثي الدفع بها جماعة الحوثي حين ترتكب هذه الجرائم الجسيمة التي أدرجتها المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، في قائمة جرائم الحرب الجسيمة ، ومن ثم يختلف الأمر تماما إذا تماهي المجتمع الدولي مع هذه الانتهاكات المستمرة والممتدة لجماعة الحوثي ، وحينها يتحول القانون الدولي الإنساني من مؤسسة حامية للمدنيين أثناء النزاع المسلح إلي مؤسسة متساهلة في هذا الصدد .
جَلٌي أن أي أطراف أي نزاع مسلح دولي أو غير دولي مقيدين بالمبادئ و القواعد التي تحكم هذا النزاع المسلح ، ولا يجوز من تلقاء أنفسهم أن يغيروا بممارساتهم المبتدعة خاصة تلك التي تخرق المستقر من قواعد القانون الدولي الإنساني ، أوأن يخلقوا أو يرسوا عرفا أو قاعدة جديدة من قواعد القانون الدولي الإنساني ، وفي حالة الحوثي و بالرغم من حداثة استخدام ما يعرف بالطائرات المسيرة فإن حماية المدنيين و الضرورة العسكرية يُعدا الأساسان اللذان يشكلان قاعدة الأسس للقانون الدولي الإنساني ، ومن ثم فشرعية استخدام الأسلحة المختلفة بواسطة المحاربين يحكمها حرمة المدنيين غير المنخرطين في النزاع المسلح ، فضلا عن مبدأ الضرورة العسكرية التي لا يلجأ إليها بشكل واسع ولكن بقيود و شروط محددة ترتبط في معظمها بحماية المدنيين .
ختاما ، آن الأوان للمجتمع الدولي بعناصره المختلفة أن يتدخل لأجل ردع جماعة الحوثي عن خروقاتها التي صارت ديدنا يحيق خطرا بالمدنيين الأبرياء العزل ،حتي لا يفقد هؤلاء ثقتهم في المجتمع الدولي و القانون الدولي أيضا .