الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله يشن هجوماً عنيفاً ومتوالياً على السعودية وشعبها ومعتقداتها وتاريخها. رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري يواجه هذا الهجوم بالرد. إعلام الطرفين يخوض مواجهة منذ انطلاق «عاصفة الحزم». لبنان يعيش حال توتر لم يشهدها خلال الإعلان عن تدخل «حزب الله» في الحرب على الشعب السوري، فضلاً عن أن حسن نصرالله لم يتفانَ في الدفاع عن دور حزبه في سورية، مثلما يفعل اليوم في الدفاع عن المتمردين الحوثيين. ورغم استمرار جلسات الحوار بين التيار والحزب، فإن التوتر يسيطر على الجميع، وربما أفضى إلى وقف الحوار لوقتٍ طويل، وإن شئت جعلِه من ذكريات الماضي. التوتر بين الأطراف اللبنانية ليس جديداً، لكن الجديد اليوم هو القلق البالغ لدى أوساط الشعب اللبناني. الأمين العام لـ «حزب الله»، نقل، في خطاباته المتوترة، الأزمة من سجال بين سياسيين، إلى جدل غاضب في الأوساط الشعبية. هجومه العنيف على السعودية والسعوديين كان ينطوي على بُعد مذهبي غير مسبوق، وهو نقل مغالطات عن تاريخ السعودية، وزجّ بمواقف دينية وأحداث تاريخية، وخلق توتراً سنّياً - شيعياً بين اللبنانيين. كان حسن نصرالله أكثر حذراً خلال دفاعه عن نظام بشار الأسد، لكنه اليوم يتحدث بلغة موغِلة في التجنّي والحس المذهبي. وخلال مهرجان في الضاحية الجنوبية مساء الجمعة الماضي، تحت عنوان «التضامن مع اليمن المظلوم»، قال إن «هناك تهديداً للحرمين الشريفين من قبل داعش الذي أعلن أن دولة الخلافة ستهدم الكعبة لأنها مجموعة أحجار تُعبَد من دون الله وتتنافى مع التوحيد». وأضاف أن «الحرم النبوي في خطر من داخل السعودية ومن الفكر والثقافة الوهابية». هذا الكلام المرسل، بلا هوادة، أغضَب السنّة في لبنان، واعتبر بعض اللبنانيين أن حسن نصرالله بات يلوِّح بحرب مذهبية بين المسلمين، لم يشهدها لبنان سابقاً، ويسعى إلى تكريس فتنة بين المسلمين اللبنانيين، من أجل أهداف إيرانية، فضلاً عن أنه جرّ لبنان إلى أن يصبح ساحة لتصفية حسابات إقليمية لا يستطيع البلد تحمُّلها. هذه الحرب الكلامية أثارت مخاوف لدى مستثمرين، ونسفت آمالاً بإحياء السياحة في لبنان، وهذا أضاف عاملاً آخر للتوتر الحاصل لدى الأوساط الشعبية اللبنانية التي أصبح لسان حالها: «ألا يكفى حزب الله أنه زجّ بنا في الحرب السورية، وخلق لنا مشاكل سياسية، واقتصادية فاقمت البطالة، والجمود الاقتصادي، ها هو يضيف إليها أزمة اليمن». لا شك في أن موقف الأمين العام لـ «حزب الله» المتشنّج من «عاصفة الحزم»، لن يوقف الحوار بين «تيار المستقبل» و «حزب الله» فحسب، بل سيفرض معاودة النظر في منطلقاته وأهدافه، وسيكون موضوع نزع سلاح الحزب أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. الأكيد أن موقف الأمين العام من السعودية والهجوم الكلامي عليها بهذه الطريقة نقلا لبنان إلى مرحلة أشد خطورة من تلك التي شهدها بعد اغتيال رفيق الحريري. لبنان ينتظر وضعاً سياسياً شائكاً بسبب موقف حسن نصرالله من السعودية. *نقلاً عن "الحياة"