أكثر من 700 أفريقي قضوا نحبهم وهم يصارعون أمواج البحر المتوسط التي أرجحت أحلامهم في حياة أكثر إنسانية. الرقم يبدو مفزعا لدرجة دعت إلى اجتماع طارئ لوزراء الداخلية والخارجية لدول الاتحاد الأوروربي اليوم الأثنين لمناقشة استراتيجية جديدة للاتحاد حول الهجرة، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية. ووعد المفوض الاوروبي المكلف بالملف ديمتريس افراموبولوس بأن يتم تقديم "الاستراتيجية" المذكورة في اواسط مايو. وكان رئيس مجلس أوروبا دونالد توسك أعلن مساء الاحد أنه يتشاور مع القادة الاوروبيين من أجل تنظيم قمة بحضور رؤساء الدول والحكومات تخصص لهذه المسالة. وكان رئيس الحكومة الايطالية ماتيو رينزي دعا الى هذه القمة التي لا يزال من الممكن أن تعقد هذا الاسبوع. ويتعرض الاتحاد الاوروبي لانتقادات تاخذ عليه عدم تحركه حيال الكوارث المتتالية في البحر المتوسط حيث تم انقاذ 24 شخصا فقط بعد غرق زورق صيد ليل السبت الاحد كان ينقل 700 شخصا على الاقل. ويشير تقرير لشبكة بي بي سي البريطانية إلى تكرار مثل هذه الحوادث بكثافة أثناء عملية الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط. إذ غرق أكثر من 360 شخصا، أغلبهم من اريتريا والصومال، بعد غرق قاربهم قبالة سواحل لامبيدوسا. في أكتوبر 2013. وبعد عام تقريبا غرق 300 مهاجر على الأقل قبالة سواحل مالطا، بعدما قلب المهربون قاربا لرفض راكبيه الانتقال إلى قارب أصغر. وقال الناجون إنه كان أشبه "بالقتل الجماعي". كما غرق مثلهم على الأقل بعد مغادرتهم الساحل الليبي في أربعة قوارب، بسبب سوء الطقس في فبراير 2014.كما سجلت السلطات في ابريل من العام ذاته حالة اشتباه في غرق 650 مهاجرا بعد انقلاب قاربهم قبالة السواحل الليبية، جنوب جزيرة لامبيدوسا. وتبدو جزيرة لامبيدوزاالإيطالية مركزا مهما لاستقبال اللاجئين والمهاجرين السريين القادمين من السواحل الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، كما هو واضح من تلك الحوادث، وحسبما أشار تقريرا أعدته شبكة دويتش فيله الألمانية عن الجزيرة التي تشهد مثل هذه الحوادث. ويروي التقرير شهادات لأهالي الجزيرة معتبرا مثل هذه الكوارث تترك بصمة في نفوسهم وفي الذاكرة الجماعية. وقبل أسابيع قليلة وصفت عمدة لامبيدوزاغيوزي نيكوليني الأمر قائلة: "كل حطام سفينة جديد هو مأساة بالنسبة لنا ونحن نحزن لذلك". بدوره يتذكر كوستانتينو باراتا، وهو من سكان الجزيرة، كل تفاصيل ذلك اليوم المأساوي من أكتوبر من عام 2013 ، وهو اليوم الذي لاشك سيغير مجرى حياته بشكل كبير. يشرح ذلك بالقول: "لقد رأينا الكثير من الناس وسط المياه، وهم يصرخون طلبا للمساعدة. بدأنا ننقلهم إلى البر الواحد تلو الآخر. كانوا شبابا، عراة وأجسامهم كانت ملطخة بالوقود من الرأس إلى القدم". كما يتذكر كوستانتينو باراتا فتاةً اعتقد في البداية إنها ماتت، فرفعت فجأة يدها وبدأت تصرخ: "ساعدني، ساعدني". يُرينا بارتا صور تلك المأساة ومنها صورة سيدة ماتت غرقا، وصورة أخرى لإمرأة إريتيرية تدعى لاوم، وهي آخر من تمكنوا من إنقاذه. وتطالب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والأمم المتحدة إلى بذل المزيد من الجهود من أجل إنقاذ المهاجرين، إذ قالت الأولى بعد الحادث الأخير إنه قد يكون أكبر خسارة في الأرواح سجلت أثناء عبور المهاجرين إلى أوروبا. في الوقت الذي تتعالى فيه بعض الأصوات الأوروبية لعدم تشجيع المهاجرين غير الشرعيين بإنقاذهم، وهو الأمر الذي استجيب له بخفض قدر هذه المساعدات العام الماضي مما ضاعف من الخسائر البشرية. ونقلت وكالة رويترز عن برنار كوشنير وزير خارجية فرنسا الأسبق وأحد مؤسسي منظمة "أطباء بلا حدود" للاغاثة قوله إن أوروبا كلها تتحمل الذنب في ترك مئات من المهاجرين يلقون حتفهم في البحر المتوسط. وقال كوشنير لصحيفة لو باريزيان في مقابلة نشرت يوم الاثنين "في هذه المسألة.. أوروبا مذنبة لتقاعسها عن مساعدة شخص في حالة خطر. عار علينا." مستخدما التوصيف القانوني لجريمة يعاقب عليها القانون الفرنسي. وأضاف "قبل أي شيء آخر لنلقي بطوق نجاة إلى كل هؤلاء الناس الذين يغرقون بانشاء أسطول انقاذ أوروبي من الدول الثمانية والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. زورق انقاذ واحد من كل دولة."