2021-07-10 

سعيٌ قاتل

رندا الشيخ

منذ أن اكتمل وعينا بالحياة ونحن نحفظ عن ظهر قلب أن السعي مهمٌ وهو عنصر مكوّن للنجاح أو لتحقيق الأهداف. لكن، هل تصدق بأن سعيك قد يقتلك أحياناً؟ قد تظنني أبالغ قليلاً، ولكن، يمكن للسعي أن يملك القوة لفعل ذلك وبمساعدة منك أيضاً! 

السعي ليس أمراً هيناً بل جوهري في حياتنا، فنحن دوماً في حالة سعي نحو شيء ما نحتاجه أو نبتغيه أو نثابر للحفاظ عليه، سواء كان ذلك الشيء شعوراً أو شخصاً أو مالاً أو حتى مجرد راحة بال. لكن السعي وكغيره من الأفعال يحتاج للقليل من الذكاء! وهذا ما فعلته حنان.
حنان وأسماء صديقات منذ سنوات الدراسة الجامعية التي خرجا منها بتخصص الطب البشري، ولكل منهما قدرات تميزها عن الأخرى. ورغم أن أهدافهما في الحياة العملية كانت شبه متطابقة، إلا أن طريقة سعيهما إليها اختلفت. فبعد التحاقهما بالعمل في إحدى المستشفيات الخاصة، صبّت حنان تركيزها على تطوير ذاتها والإلتحاق بدورات في الداخل والخارج وكسب العديد من المهارات والعلاقات التي ميزتها عن غيرها، فلمع نجمها كطبيبة وسبقت نظراءها بسنوات ضوئية. فيما استنفدت أسماء طاقتها في التقرب من الإدارة مهما كلفها الأمر من تنازلات على الصعيد الإنساني، فأثقلت كاهل المرضى بطلب الفحوصات والتحاليل والأشعة وربما تنويمهم وإن لم تكن الحالة تستدعي ذلك! ولم تلقي بالاً لأهمية أن تطور قدراتها وتكسب الخبرات اللازمة للتطور وللفوز بمنصب إداري مرموق.. وهو ما أرادته دوماً.
بعد أربعة أعوام، تم تعيين حنان مديرة للعيادات الخارجية، فيما أصبحت أسماء نائبا لمدير عام المستشفى! 
لكن مهلا.. فالقصة لم تنتهي هنا..!
لأنه وبعد عام آخر، وإثر تراجع كبير في إقبال المرضى على عيادة أسماء بسبب تركيزها على العمل الإداري، وانعكاس ذلك على الدخل، بالإضافة إلى أخطاء إدارية فادحة بسبب افتقارها للمهارة، وشكاوى الأطباء المتكررة من الوضع العام بالمستشفى بسبب قرارات النائبة وسوء إدارتها، قرر مالكها إعادة هيكلة الإدارة من جديد من قبل شركة متخصصة. وكانت النتيجة إقالة أسماء وتعيين حنان مديراً عاماً للمستشفى!

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه