2015-10-23 

(شعار المرحلة الفلسطينية الحالية (إما قاتل أو مقتول

مع سقوط خيار المفاوضات لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين لم يبق  للفلسطينيين خياراً آخر غير الميدان، حيث دعت الفصائل الفلسطينية لتجمعات حاشدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية في "يوم غضب" يوم الجمعة فيما دعت قوى عالمية واقليمية إلى ضرورة فرض الحماية الدولية على الفلسطينين.

 

يرى مروان المعشر نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي أنّ الحراك الفلسطيني بدأ يتجه في تفكيره نحو الحقوق الأساسية اليومية، بعيداً عن المطالبة بالحلول الكبرى؛ كحل الدولتين وحتى حل الدولة الواحدة، مما يشير إلى فقدان الأمل بكل الجهود الدولية لتحقيق هذه الحقوق، والاستعاضة عن ذلك مرحلياً بالعمل على الأرض ومحاولة فرض حقائق جديدة، والمطالبة ببعض الحقوق الأساسية واليومية؛ من تعليم وصحة وغيرهما.

.

وأوضح المعشر أنّ الشارع الفلسطيني أو العربي لم يعد مؤمنا  بعملية السلام، ولا استئناف المفاوضات، فعقود من المحاولات والمفاوضات المضنية، اصطدم بتعنت إسرائيلي وعدم الجدية  في إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية على أساس حدود 1967، تكون قابلة للحياة، وتتضمن القدس الشرقية.

 

 ويؤكد نائب الرئيس للدرسات أنّ عنوان المرحلة اليوم لدى الشارع الفلسطيني، هو رفع كلفة الاحتلال، والمطالبة بالحقوق الأساسية، أما الأفق البعيد، فلم يعد يحظى بالاهتمام الآني للشارع.

 

.ودلل المعشر على رأيه بحملة المقاطعة للبضائع الإسرائيلية لافتًا إلى أنها أصبحت قضية محورية في هذا الحراك، تتمتع بتأييد أكثر من 80 % من المجتمع الفلسطيني، وبتأييد متزايد لدى المجتمع الدولي بعد أن كانت على هامش الحراك الفلسطيني لدى إطلاقها العام 2005.

 

ويرى أنّ قبول السلطة الوطنية الفلسطينية كعضو في المحكمة الجنائية الدولية، تُقرأ من هذه الزاوية أيضاً، لأنها ستضع المسؤولين الإسرائيليين تحت التهديد المستمر بإمكانية ملاحقتهم جنائياً أمام المحكمة، كلما سافروا للخارج، ما يفسر قلق إسرائيل الحقيقي من هذه الخطوة. وبغض النظر عن مدى جدية السلطة الوطنية الفلسطينية في مثل هذه الملاحقة، فإن مجرد إمكانية ذلك يثير قلق إسرائيل. مرة ثانية، يرفع الانضمام للمحكمة كلفة الاحتلال

 

وأكد المعشر أنّ استئناف المفاوضات لن يؤدي إلى نتيجة مختلفة؛ إذ ما دام الاحتلال لا يشعر بضغط فلسطيني وعربي ودولي، فإنه لن يغير من سياسته القائمة على التسويف من خلال المفاوضات، بينما يخلق حقائق على الأرض لإدامة الاحتلال

 

 

ورصد معهد قنطرة الحال اليأس الذي وصل إليه الفسطينين مؤكدة عدم التوصل لحلِّ الصراع في الشرق الأوسط. كما أنَّ تأسيس دولة إسرائيل في سنة 1948 كان قد قام على طرد الشعب الفلسطيني ومصادرة أملاكه، ولم يلقَ هذا الأمر حتى يومنا هذا أي قبولٍ بتحمُّل المسؤوليَّة أو حتى بالتعويض.

 

وحركة حماس ما زالت لا تعترف بحق إسرائيل بالوجود. بينما يشعر الفلسطينيون بشكلٍ متزايدٍ بأنَّ استمرار الاحتلال الإسرائيلي يشكل تهديدًا لوجودهم، حيث أنَّ بناء المستوطنات في الضفة الغربيَّة يستمر مترافقًا مع المزيد من التشريد ومصادرة الأراضي من قِبَلِ الدولة الإسرائيليَّة والمستوطنين، ويحوُلُ دون نشوء دولةٍ فلسطينيَّةٍ في المستقبل على منطقةٍ مترابطةٍ.

 

يُحْرَمُ الكثير من الفلسطينيين من الشروط الأساسيَّة للحياة. ويضيِّق المستوطنون الخناق على حياة الفلسطينيين، وذلك من خلال حرق حقولهم على سبيل المثال، بينما يتفرَّج الجيش الإسرائيلي مكتوف الأيدي في معظم الحالات أو حتى أنه يحمي المستوطنين أثناء ارتكابهم هذه الجرائم.

 

حتى الجرائم الخطيرة التي يرتكبها المستوطنون، كالحرق المتعمد لأسرة دوابشة في قرية دوما الذي قُتل فيه العديد من أفراد العائلة، تظل دون ملاحقة.

 

 وعلى الرغم من أنَّ المجتمع الدولي لا يكلّ من التأكيد على أنَّ توطين الإسرائيليين على الأراضي المحتلة غير قانونيٍ بموجب القانون الدولي، إلا أنَّ هذه التحذيرات يتم تجاهلها من قِبَلِ الحكومة الإسرائيليَّة إلى حدٍّ كبيرٍ.

 

تبرز في القدس صورةٌ قاتمةٌ مشابهةٌ: ضمَّت إسرائيل في سنة 1980 شرق المدينة الذي يسكنه الفلسطينيون. ومُنِحَ السكَّان حق الإقامة في المدينة، ولكنْ لم يُمنحوا الجنسيَّة الإسرائيليَّة. وتشكّلت هناك بسبب الإهمال الذي امتد لعقودٍ من الزمن مناطق فقيرةٍ ينمو الأطفال فيها في ظلِّ شبه غياب فرص التعليم ودون أملٍ في التمكُّن من العمل بكرامةٍ.

 

بعد الاحتلال تمَّ بناء مستوطناتٍ في المنطقة الشرقيَّة من المدينة، الأمر الذي يجعل تقسيم العاصمة إلى جزءٍ إسرائيلي وآخر فلسطينيٍ شبه مستحيلٍ في حال توقيع معاهدة سلام في المستقبل. كما يأخذ إسرائيليون يهود منازل فرديَّة أو يبنون مجمعات سكنيَّة كبيرة في أحياء القدس الشرقيَّة لكي يؤكدوا من خلال وجودهم على مطالبتهم بكامل مدينة القدس باعتبارها عاصمةً أبديَّةً لإسرائيل لا يمكن تقسيمها. وتَكْثُرُ في هذه الأماكن المواجهات مع الأطفال والشبان الفلسطينيين الذين تُفرض عليهم عقوباتٌ قاسيةٌ إن رموا الحجارة أو الزجاجات الحارقة، وتبلغ هذه العقوبات منذ سبتمبر الماضي السجن أربع سنوات على الأقل وغراماتٍ ماليَّةً باهظةً تُفرض على أولياء أمور الأطفال.

 

وأظهر فشل مبادرة كيري في مطلع هذا العام، الحاجة إلى إيجاد شكلٍ بديلٍ عن المحادثات الثنائيَّة المباشرة بين سلطة الاحتلال وأولئك الخاضعين تحت الاحتلال.

 

لا تزال الولايات المتحدة الأمريكيَّة تُعتبر الوسيط الرئيس في الصراع. ومن دونها لن يشرع الاتحاد الأوروبي أو اللجنة الرباعيَّة الدوليَّة في إطلاق أية مبادرةٍ تفاوضيَّةٍ جديدةٍ، إلا أنَّ واشنطن تبدو مترقّبة حاليًا وتقوم بإجراء ما يسمى "مراجعةً سياسيَّةً". أما الأزمة الحاليَّة فينبغي أنْ تكون دافعًا لبذل جهودٍ جديدةٍ من قِبَلِ المجتمع الدولي.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه