أعلنت وزارة الصناعة والتجارة، الأحد الماضي، عن فرض رسوم وقائية مؤقتة على الواردات من السكر الأبيض بنسبة 20% من قيمة الطن، بحد أدنى 700 جنيها للطن وذلك لمدة لا تتجاوز 200 يوم. وتطبق الحكومة هذا الإجراء الوقائي بالتوازي مع تحقيقات تجريها حول ما وصفته بـ"الزيادة الكبيرة" في واردات السكر خلال الفترة الماضية، وقد قال وزير الصناعة، في بيان يوم صدور القرار، إن هذا الإجراء يأتي في إطار حرص الوزارة على الحفاظ على مصالح الصناعة المحلية من الممارسات الضارة في التجارة الدولية. وبحسب بيانات البنك المركزي المصري ارتفعت واردات السكر المكرر ومنتجاته من 24.5 مليون دولار في 2012-2013 إلى 44.9 مليون دولار في العام المالي التالي، وتجاوزت قيمة الواردات 17 مليون دولار خلال النصف الأول من 2014-2015. ويوضح تقرير السكر السنوي لعام 2014، الصادر عن وزارة الزراعة الأمريكية في أبريل الماضي، أنه توجد فجوة بين إنتاج مصر واستهلاكها من السكر تتراوح سنويا بين مليون و1.2 مليون طن. أصوات مصرية تبحث في أسباب زيادة واردات السكر وكيف انعكست على الصناعة المحلية وما إذا كانت ستؤثر الإجراءات الحمائية على الأسعار في السوق المحلي. - لماذا فرضت الحكومة رسوما على واردات السكر؟ يقول عبد الحميد سلامة، رئيس شركة الدلتا للسكر التابعة للدولة، إن عددا من الشركات توسعت في استيراد السكر خلال الفترة الماضية مستغلة انخفاض أسعاره عالميا، وهو ما أثر بالسلب على السكر المصنع محلياً. وبحسب تقرير مؤشر أسعار الغذاء الشهري لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، فإن أسعار السكر العالمية تراجعت خلال الشهر الماضي بنسبة 9.2% مقارنة بالشهر الأسبق، لتقترب من أقل مستوياتها منذ فبراير 2009. وأشارت المنظمة، في تقريرها لهذا الشهر، إلى أن قوة العملة الأمريكية في الأسواق الدولية ساهمت في تراجع أسعار السكر، حيث انخفضت قيمة الريال البرازيلي في مواجهة الدولار مما قلل من أسعار السكر المصدر من تلك الدولة، التي تعتبر من أهم المنتجين للسكر عالمياً. ويُظهر مؤشر أسعار السكر الصادر عن الفاو أن اتجاه الأسعار منذ مارس 2014 يسير في اتجاه هبوطي. - هل ساهمت إعادة هيكلة الدعم في مصر في التشجيع على الاستيراد؟ بحسب تقرير السكر السنوي لعام 2015، الصادر عن وزارة الزراعة الأمريكية هذا الشهر، فإن تحرير أسعار السكر المباع على بطاقات التموين ساهم في دفع التجار للتوسع في استيراده، حيث تطرح الحكومة حاليا السكر بسعر السوق مع تقديم دعم نقدي. وتبعاً للتقرير، فإن سعر كيلو السكر المحلي المباع على البطاقات التموينية بلغ 5.15 جنيها مقابل 4.50 للمستورد، وهو ما شجع المواطنين على الإقبال على الأخير. كان وزير التموين، خالد حنفي، قد قال، في السادس من أبريل الجاري، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن وزارته "توفي كل احتياجاتها من السكر المطروح ضمن السلع التموينية من شركة السكر للصناعات التكاملية" في إشارة إلى توجه حكومي بحماية السكر المحلي المباع على البطاقات من المنافسة الأجنبية. وتعد شركة السكر والصناعات التكاملية هي اللاعب الرئيسي في تكرير القصب بمصر والكيان المحلي المسئول عن توفير السكر لنظام بطاقات التموين. - لماذا يرتفع سعر السكر المصري عن المستورد؟ يقول رئيس شركة السكر إن مزارعي القصب والبنجر في مصر يزرعون على مساحات صغيرة، الأمر الذي يرفع من تكلفة المحاصيل مقارنة بنظم الزراعة على مساحات كبيرة في دول مثل البرازيل. وبحسب تقرير وزارة الزراعة الأمريكية الصادر هذا الشهر، فقد ساهمت زيادة أسعار الوقود في يوليو الماضي أيضا في زيادة تكاليف عمل الجرارات في الزراعة والحصاد وتكاليف نقل المحاصيل للمصانع. فيما يشير أحمد أبو دوح، نائب رئيس مجلس المحاصيل السكرية، إلى أن هذه الزيادة في التكلفة تعود أيضا إلى رفع الحكومة لأسعار شراء مدخلات إنتاج السكر لرغبتها في دعم الفلاحين وتحسين مستوى معيشتهم. وقد أعلنت الحكومة المصرية، في يناير الماضي، عن أسعار شراء شركة السكر والصناعات التكاملية (الحكومية) لمحاصيل القصب للموسم 2014-2015، والتي زادت إلى 400 جنيه للطن مقارنة بـ360 جنيها في الموسم السابق. ويقول التقرير الأمريكي إن سعر شراء محاصيل البنجر لم يزد هذا الموسم عن سعر الموسم الأسبق، البالغ 275 جنيها للطن، لكن العلاوة الإضافية التي تقدمها الشركات بحسب درجة تركز السكر في المحصول زادت للطن من 100 إلى 120 جنيها. ويلعب القطاع العام أيضا دورا رئيسيا في إنتاج السكر من البنجر حيث تعمل في هذا المجال 6 شركات 4 منها بالمشاركة بين القطاعين العام والخاص. - هل الحماية ضرورية لصناعة السكر؟ يعتبر رئيس شركة الدلتا للسكر أن فرض رسوم على واردات السكر ضروري في ظل الضغوط التي تواجهها الصناعة المحلية من منافسة المستورد، مشيرا إلى أن هذه المنافسة تسببت في تراكم المخزون المحلي. ويضيف أن الحفاظ على الصناعة المحلية ضروري لأنها تخفف من آثار طفرات زيادة الأسعار العالمية على السوق المصري في المدى الطويل ولا تجعل السوق "تحت رحمة البورصة" بحسب تعبيره. إلا أن حسن الفندي، رئيس شركة حرية للصناعات الغذائية، يحذر من أن يستغل المصنعون المحليون السياسات الحمائية في زيادة الأسعار التي ستنعكس على المستهلكين، خاصة مع زيادة الاستهلاك كلما اقترب موسم شهر رمضان. وقال تقرير لوكالة رويترز إن سهم شركة جهينة للصناعات الغذائية تراجع خلال جلسة الأحد الماضي متأثرا بالتخوفات من زيادة تكاليف إنتاج الشركة نتيجة سياسات حماية صناعة السكر. ويقول أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية وأحد مستوردي السكر، إن الاتحاد سيتدخل للمطالبة بتعديل سياسات الحماية إذا ارتفعت أسعار السكر في الأسواق الحرة، خارج نظام البطاقات التموينية، معتبرا أن الاتحاد يستهدف الحفاظ على مصالح الأطراف الثلاثة المستورد والمصنع والمستهلك. وهو ما أكده بيان لرئيس الوزراء، في اليوم التالي لصدور القرار، قال فيه "إن الحكومة ملتزمة بعدم تحريك أسعار بيع السكر... في إطار الجهود المبذولة لحماية الصناعة المحلية من تذبذب الأسعار العالمية للسكر".