منذ اسبوع و السجال الميداني بين ايران و الولايات المتحدة يدور خارج الاطر الدبلوماسية التقليدية ، كان أولها خرق الحظر الجوي المفروض على اليمن من قبل طائرة مدنية إيرانية باستخدام المجال الجوي العُماني و الذي قد قوبل بحزم من قبل سلاح الجو السعودي . لكن فصول الحكاية لم تنتهي هناك ، حيث اعترضت قوة بحرية ايرانية تابعة للحرس الثوري الايراني سفينة تجارية امريكية هي (( مرسك تيغرس )) ، ليتم اقتيادها بعد ذلك الى مرسى خارج جزيرة غُشم الايرانية تحت عدة ذرائع ، احدها اختراقها للمياة الإقليمية لايران ، و ديون متاخرة مستحقة على الشركة تارةً اخرى . مما حدى بوزارة الدفاع الامريكية لاصدار قرار بمواكبة كل السفن الامريكية او حتى غير امريكية لتأمين سلامة عبورها مضيق هرمز . مما يعني ان سفن الدورية الامريكية من فئة سايكلون Cyclone هي من سيضطلع بتلك المهمة ، مما سوف يضعها مواجهة مباشرة مع سلاح البحرية التابع للحرس الثوري الإيراني . احتجاز السفينة تعد المواجهة الثانية بين الأمين الأعلى لمجلس الامن القومي الايراني الأدميرال علي شمخاني و وزير الدفاع الامريكي آشتون كارتر في اقل من اسبوع ، حيث كانت الاولى في باب المندب ، عندما امر الوزير كارتر بتوجه مجموعة قتالية بقيادة حاملة الطائرات أيزنهاور الى هناك بذريعة تنفيذ قرار مجلس الامن 2216 ، في حين انها كانت قوة فصل بين طرفين هما السعودية و مجموعة القتال التابعة للبحرية الايرانية . فإيران تدرك تماماً ان الارادة السياسية السعودية ما كانت لتتردد و لو للحظة في اغراق أيا من تلك السفن في حال خرقها للحظر البحري المفروض على كامل الموانئ اليمنية و مياهها الإقليمية . السفينة "ميرسك تيغرس " لا زالت في مرساها خارج جزيرة "غُشم " الايرانية ، و حسب اخر تصريح رسمي لشركة ميرسك المالكة للسفينة " ان كامل الطاقم في حالة جيدة حسب اخر اتصال لاسلكي معهم " . الا ان وزارة الدفاع عبر قيادة الأسطول الخامس الامريكي من البحرين قد أوعزت الى تعزيز تواجدها في خليج عُمان لرفع مستوى الضغط بهدف الإفراج عن السفينة دون الوقوع في الفخ المنصوب من قبل الأدميرال شمخاني بجزيئة السياسي و الإعلامي . فالمغامرة الايرانية الاخيرة تاتي بعد يوم واحد من انطلاق جولة المحادثات الجديدة بين كيري و ظريف في لوزان السويسريّة لوضع اليات الصيغة النهائية للاتفاق النهائي حول ملف ايران النووي . و يجرنا ذلك للسؤال التالي : ما هي القيمة القابلة للتوظيف السياسي او الإعلامي لهذا العمل العبثي !! فأن كان الهدف رفع وتيرة الضغط السياسي لإرغام الطرف الامريكي القبول برفع كامل نظام العقوبات المفروض على إيران ، إم ان الرسالة لها اكثر من بعد ، داخلي و اخر إقليمي هما سوريا و اليمن . فالأدميرال علي شمخاني الان هو فعلا الحارس على إرث الثورة و بصلاحيات مباشرة من المرشد الأعلى المعتل علي خامينئي ، لذلك لا يتردد شمخاني في استعراض ذلك داخليا و خارجيا . و ما استقبالة الرسمي لوزير الدفاع السوري في طهران الا احدها في إشارة غير قابلة للتأويل بان القوة الحقيقية ليست بيد الرئيس روحاني ، و قد اكد ذلك لاحقا رجل الأدميرال شمخاني في الخارجية الايرانية السيد أمير عبد اللهيان في اخر تصريح له بأن " أمن اليمن هو جزء من امننا القومي و لن نسمح لاحد بالعبث بأمن اليمن " و السيد عبداللهيان مسؤول الملفين العربي و الأفريقي في الخارجية الايرانية . سيستشف اي متابع ان اغلب المواقف الايرانية منذ انطلاق عاصفة الحزم هي في باطنها ردود افعال عصبية غير عقلانية ، و ان المواقف الامريكية ليست بحال أفضل منذ انتزاع الارادة العربية قرار الحرب و السلم من كل اشكال الوصاية او نصح الأصدقاء . فالادارة الامريكية تحاول جاهدة احتواء الممكن خشية حدوث تصعيد قد يقود لشكل من اشكال المواجهة بين ثقلي المنطقة . فالموقف العربي بقيادة السعودية أربك كل الحسابات الممكن القبول بها أمريكيا من كل الملفات الشرق اوسطية ، و لقياس حجم الارتباك في ادارة الرئيس اوباما هو تصريح السيدة ليزا موناكو مستشارة الرئيس لشوؤن مكافحة الارهاب " بوجوب ان تكون المحادثات اليمنية تحت إشراف اممي " . تخبط البيت الابيض في استماتته لتحقيق اتفاق نهائي مع إيران حول ملفها النووي بات واضحا للعيان ، و ما تصريح السيدة موناكو الا التلويح بقبول دور إيراني في الملف اليمني . و ذلك يعتبر تعديا صريح على آليات قرار مجلس الأمن 2216 و المرجعية السياسية فيه تحديدا ، اي المبادرة الخليجية . تاتي رسالة السيدة موناكو بعد يومين من إقرار لجنة الخارجية و الدفاع في الكونغرس منحة الدعم العسكري للعراق و المشروطة بالاداء السياسي لرئيس الوزراء العبادي ، و أولها تسليح عشائر الانبار او التجاوز علية بتسليحها مباشرة من قبل الولايات المتحدة . خليجيا يجب ان لا يعنينا السجال الامريكي الايراني لأن الارادة السياسية العربية قد تجاوزت كل ذلك ، و يجب الاستمرار في ذلك النهج لانه الانجع في تحقيق الأمن اولا قبل الانتقال لتحقيق الاستقرار . فإدارة الرئيس اوباما تدرك يقيناً ان الأهداف السياسية لعاصفة الحزم لازالت قائمة ، و ان ميدان العاصفة ليست اجواء او ارض اليمن كما سوف تثبتة الايام لاحقا.