في 14 مايو (أيار) يشهد كامب ديفيد ملتقى مفصليًا آخر في تاريخ العرب: الملك سلمان وأمراء الخليج يتدارسون الوضع في الجزيرة العربية مع باراك أوباما. أول قمة جماعية مع رئيس أميركي منذ تأسيس مجلس التعاون، وأول مرة تُطرح فيها قضية واحدة بين الفريقين: إيران. ما هو هذا المكان الذي صار اسمه جزءًا من مفرداتنا؟ معتزل في جبال ميريلاند، تربو مساحته على نصف مليون متر مربع، ويبعد 60 ميلاً عن البيت الأبيض. وكان فرانكلين روزفلت أول رئيس يستخدمه، وقد أطلق عليه اسم «شانغريلا»، وهو مكان متخيل مليء بالهدوء والسعادة. ففي عام 1942، ذروة الحرب العالمية، بحث عن معتزل سري حيث يستطيع النوم في ساعة متأخرة، وينصرف إلى العناية بمجموعة الطوابع التي يملكها، واستضافة بعض زعماء الدول الذين يستسيغ صحبتهم. كان ونستون تشرشل أول أولئك الزعماء عندما حل ضيفًا عام 1943 في قمة أعدت لهجوم النورماندي الكبير على قوات هتلر. وعندما تسربت الأنباء عن وجود شانغريلا، نصح رجال الأمن روزفلت بأن ينقل مقره إلى قادة غوانتانامو خوفًا من التعرض للقصف، غير أن رفض روزفلت كان قاطعًا: «كوبا بلد ملوث بالفوضويين والقتلة وإلى آخره، وأيضا بالمحتالين». عندما وصل دوايت أيزنهاور إلى الرئاسة أعاد تسمية المعتزل على اسم حفيده، ديفيد. استضاف هناك عام 1959 الزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف في محادثات تهدف إلى خفض التوتر بين الجبارين. وكتب خروشوف في مذكراته: «لم أستطع أن أعرف حقًا ما هو كامب ديفيد هذا، لكن الأرجح أنه المكان الذي تعزل فيه الذين تتخوف منهم». وراحت الصحف يومها تتحدث عمّا سمَّته «روح كامب ديفيد». وقال أيزنهاور: «لا أدري ماذا يعني ذلك تمامًا، لكن الأرجح أنه المكان الذي يستطيع فيه الأفرقاء التداول، من دون إلحاق الأذى بعضهم ببعض». جاء المزارع المتقشف جيمي كارتر إلى الرئاسة – يروي لورانس رايت – وفي نيته أن يبيع المنتجع الذي يعطي الرئاسة صورة إمبريالية، وكان في السنة الأولى من عهده قد باع اليخت الرئاسي وأخذ يبحث عن تخفيضات أخرى. فقد كان يكره مظاهر الفخامة، ولذا خاض معركته الانتخابية وهو يحمل حقيبة ملابسه على كتفه. «كامب ديفيد» كان في رأيه رمزًا من رموز التبذير، ولذا أصدر الأمر ببيعه. وعندما تلقى مدير الشؤون العسكرية في البيت الأبيض الأمر، ذهب إلى كارتر وسأله: هل تعرف ماذا في كامب ديفيد؟ أجاب كارتر: طبعًا أعرف. شاليهات. إلى اللقاء.. *نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط"