الوضع الإنساني في اليمن مشكلة مركّبة قواعدها الفقر والأميّة، وهما نتيجة خلّفها نظام سياسي حكم اليمن لأكثر من ثلاثين عاماً، شكّل فيها نظاماً زبائنياً، جمع رأس هذا النظام خلال تلك الفترة ثروة تقدر بنحو 60 مليار دولار، وحسب تقديرات البنك الدولي فإن اليمن هو أحد أفقر البلدان في العالم العربي، إذ تصل معدلات الفقر فيه إلى 50%.. تلك النسبة لا تليق ببلد يمتلك مقومات تؤهله بأن يصبح أحد أهم البلدان التنموية في الشرق الأوسط، بسبب موقعه الجغرافي على البحر الأحمر وبحر العرب وإطلاله على باب المندب أهم المضائق الدولية، وأكثرها إغراءً للقوى العالمية، لكن كل ذلك يتبدد أمام رغبة النظام اليمني الفاسد، وإمعانه في حرق اليمن وتدميره على رؤوس أهله. اعتنت المملكة باليمن منذ فترة طويلة، وحاولت عبر سلسلة من الإجراءات الاقتصادية والمبادرات التنموية العمل على إدماجه في منظومة مجلس التعاون، لكن أجندة النظام السياسي اليمني يبدو أنها ترغب في الاستمرار على هذا الوضع بجعل البلد في حالة فقر وجهل دائمين لإبقاء السيطرة عليه.. وبالرغم من ذلك لم تيأس المملكة في قيادة برامج تنموية كبرى وإعداد مؤتمرات دولية تهدف إلى منح اليمن القدرة على تطوير بنيته التحتية ورفع مستوى معيشة مواطنيه، سواء قبل أحداث 2011 أو بعدها. وكان رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم في يونيو الماضي قد أعرب عن تقديره الشديد للتعاون الوثيق مع المملكة في مساندة اليمن خلال العملية الانتقالية. وفي عز الأزمة -التي يعيشها اليمن حالياً ويقف وراءها الانقلابيون الحوثيون وعلي عبدالله صالح، وكانت وراء إطلاق عملية عاصفة الحزم ومن ثم إعادة الأمل- لم تتوانَ المملكة في دعم الوضع الإنساني الذي ترتب على تلك العمليات، بل ساهمت في تقديم الإعانة العاجلة التي طالبت بها الأمم المتحدة وتقدر ب274 مليون دولار، وكذلك تصحيح أوضاع اليمنيين في المملكة ليتمكنوا من ممارسة حياتهم الطبيعية بالعمل والعيش بين إخوانهم، وأخيراً تخصيص دعم مالي كبير أمر به خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمركز الإغاثة والأعمال الإنسانية في اليمن. المملكة ملتزمة بجعل اليمن أحد أهم البلدان في الشرق الأوسط، ولن تتخلى عنه أو تسلمه لأيادي العابثين أو الخائنين ليُجهزوا عليه ويجعلوا منه دولة فاشلة، بل ستعمل على تنميته وإعادة إلى طبيعته يمناً سعيداً. *نقلاً عن "الرياض"