عندما لم يبق من الدائرة الإستخبارية والدائرة السياسية أيضاً, المحيطة بمركز الحكم وصاحب القرار في دمشق ألا «طويل العمر» الذي ربما يصله «الدور» عاجلاً أو آجلاً فإنه على «المبخرين» أن يتقوا الله بأنفسهم أولاً وبمن حولهم ثانياً فالإصرار على كذبة: «الممانعة والمقاومة» بات معيباً وينطبق على صاحبه بيت الشعر العربي القائل: كناطح صخرة يوماً ليوهنها ما ضرها وأوهي قرنه الوعل لم يكن هناك إخلاص لهذا النظام, حتى بما في ذلك إخلاص قائد سرايا الدفاع العم رفعت الأسد وحتى بما في ذلك إخلاص قائد الفرقة الرابعة الجنرال ماهر الأسد, أكثر من إخلاص غازي كنعان وأكثر من رستم غزالة وأكثر من علي المملوك وبالطبع أكثر من آصف شوكت وأيضاً أكثر من محمود الزعبي.. هل هناك من لا يزال يتذكره يا ترى ؟! ربما أن بعض من ما زالوا يتمسكون بحكاية: «الممانعة والمقاومة» ,حتى بدون أن يصدقوها, يعرفون أن جبهة الجولان بقيت صامتة صمت أهل القبور منذ عام 1973 وحتى الآن وهم يعرفون أيضاً أن «العدو الصهيوني» بقي «يتطاول» على سوريا العظيمة ويضرب أهدافاً إستراتيجية على الأراضي السورية بدون أيِّ ردٍّ على الإطلاق اللهم باستثناء القول إن إسرائيل تريد «جرَّنا» إلى معركة في غير مكانها ولا زمانها وأن ردَّنا سيكون في الوقت المناسب والمكان المناسب !! ثم ومن قبيل التذكير فقط فإننا نسأل الذين يدعون معرفة حزب البعث السابق واللاحق والذي لم يبق منه شيئ: أين هو نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع وأين هو الأمين العام القومي المساعد عبد الله الأحمر.. أين عبد الحليم خدام وأين رفعت الأسد وأين مصطفى طلاس ..؟ هل أنَّ هؤلاء وكل الذين سبقوهم خونة وغير ممانعين ولا مقاومين.. وأن هؤلاء «المغردين» أكثر إخلاصاً لحزب لا يعرفون عنه شيئاً من كل هذه القوافل التي غيبتها مرحلة: «الممانعة والمقاومة» !! الآن وبعد خمسة وأربعين عاماً من التجارب المرة ومن العثرات والويلات والدمار والخراب بات المطلوب ليس التغني بالنظام: «المقاوم والممانع» وإنما الحفاظ على سوريا موحدة والحفاظ على شعبها واحداً واستعادتها لمكانتها عندما كانت كما هي العراق سابقاً ركناً أساسياً في الوطن العربي ورافعة رئيسية للأمة العربية. المثل يقول: «إنَّ إكرام الميت هو دفنه» ويقيناً أنه من العبث النفخ في القربة المثقوبة فالمطلوب الآن هو تظافر الجهود الخيرة أولاً في سوريا نفسها ثم في إطارها العربي القريب والبعيد من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه ومن أجل استعادة قلب العروبة النابض فعلاً إلى ما كانت عليه قبل «الحركة التصحيحية», وإذا أراد البعض قول الحقيقة وقبل حركة الثالث والعشرين من شباط وقبل الثامن من آذار وقبل الوحدة المرتجلة مع مصر, والعودة إلى آخر انتخابات ديموقراطية وهي الانتخابات التي جرت في عهد أديب الشيشكلي الثاني في منتصف خمسينات القرن الماضي !! * نقلا عن "الرأي" الأردنية