حرب المملكة على الإرهاب حرب وجودية لا مجال للشك في ذلك. لذا كان ولابد أن تسخِّر بلادنا جهودها الأمنية والسياسية من أجل تحقيق هدفها بستئصال شأفته وتحجيمه وحصره ومن ثم القضاء عليه. لقد لعبت المملكة في العقدين الماضيين دوراً محورياً في القضاء على الإرهاب، وتعاونها وتنسيقها الدولي في التبادل المعلوماتي والاستخباراتي، مكنّها بأن تحظى بالريادة في هذا المجال على المستوى الدولي، والإشادات في ذلك لا يتسع المقال لذكرها. إن حجم الإدانة الدولية لحادثة مسجد القديح يثبت بشكل جليّ مدى التكاتف والدعم الذي تلقاه المملكة في حربها ضد التنظيمات الظلامية والذي سيسهم بلا شك في زيادة وتيرة تعاون الأسرة الدولية في الحرب على الإرهاب فكراً وعملاً، وتعزيز القضاء على جذوره ومسبباته وتجفيف منابعه، من خلال معالجة الأزمات والقلاقل التي تمر بها المنطقة ما وفر بيئة حاضنة لمثل هذه الأفكار المنحرفة والدموية، ولعل من الضروري أن نلفت بأن استقرار الاوضاع في سوريا والعراق واليمن بدعم الجهود الإقليمية ضروري وهو جزء مهم في القضاء على التنظيمات المتطرفة، التي أصبحت المنطقة بفعل التراخي الدولي تعج بها مهددة الأمن العالمي، إذ أصبحت عواصم العالم الأول هدفاً بالإمكان الوصول إليه، ولنا في جريمة «شارلي ايبدو» دليل واضح على ذلك، وجرائم نحر البشر التي تقوم بها هذه الفئة الضالة يجعلنا أمام استحقاق دولي للحفاظ على مجتمعاتنا متيقنين بأن التأخر في اسئتصال هذا المرض سيمكنه من الانتشار ويصعب من مهمة القضاء عليه. لطالما أصرت المملكة على أن تكون رأس الحربة في الحرب على الإرهاب إيماناً منها بهمجية وبربرية تلك الفئة المجرمة التي تلطخت يداها بدماء الأبرياء دون رادع ديني أو إنساني. إن حادثة القديح ستوقد في نفوس السعوديين روح الوحدة واللحمة الوطنية والاصطفاف، وتزيد من تمسكنا بالوطن، وستربك حسابات المتربصين الذين رضوا بلعب دورٍ تجيد المملكة التعامل معه وستفشله في قادم الأيام لا محالة. * نقلا عن "الرياض"