هل لا تزال فرنسا لديها مشكلة مع معركة واترلو بالرغم من مرور 200 سنة على هزيمتها النكراء على يد دوق ولينغتون البريطاني وحلفائه؟ هذا السؤال طرحته صحيفة ذا لوكال الفرنسية في تقرير لها، جاء فيه أنه بعد مرور اسبوعين على اعتراض باريس إصدار عملة تحيي ذكرى مرور قرنين من الزمان على المعركة التي غيرت مجرى التاريخ الأوروبي بأكمله. الحدث الذي أتهمت فرنسا بازدراءه. وبينما يتوقع حضور عضو من العائلة الملكية البريطانية، وشخصيات أوروبية أخرى، تلك الفاعلية التي سيعاد فيها محاكاة جزء من المعركة، لن يحضر أي مسؤول رفيع من الحكومة الفرنسية. وخصصت الصحف البريطانية اليمينية عناوينها لاتهام فرنسا بالامتعاض من تذكر الهزيمة المريرة. لكن خبير فرنسي قال أن الرفض الفرنسي جاء نتيجة علاقة فرنسا بنابليون المعقدة والتي تضاف إلى مشاكل الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند الذي لديه من ما يكفي من المشاكل أكثر من كون عدم الحضور له علاقة بأن الفرنسيون خاسرون ساخطون. وقال جاك اوليفييه، رئيس معهد نابليون، إنه في الحقيقة هزيمة واترلو تلعب دورا في العزوف الفرنسي، ولكن الحكومة الفرنسية نادرا تحيي ذكرى أي معركة لنابليون، حتى تلك التي فاز بها. و "كثير من الناس في فرنسا لا زالوا يروا نابليون فاتحا من ناحية وباعتباره طاغية من ناحية أخرى قام بأعمال أسفرت عن مقتل هذا عدد كبير من الناس وأضاف "ولازالوا ينظرون إليه كرجل سلب حرية الفرنسيين، وخاض حرب ضد كلا من إسبانيا وروسيا وما إلى ذلك". ومن ناحية أخرى فإن الآخرين يعتبرونه من محدثي البلاد. والكلام لازال لأوليفييه، لدينا تاريخ معقد مع نابليون. وأضاف أن شأن نابليون كله يسبب مشاكل للفرنسين، أكثر من مسألة المعركة الخاسرة. لكن رئيس معهد نابليون يعتقد فرنسا يجب أن تشارك في هذا الحدث الذي سيشهده 240،000 متفرج سيحضرون محاكاة المعركة بصوتها المدوي والأضواء المبهرة في عرض يضم بعض 5000 ممثل. وقال "نحن نتحدث عن معركة التي حولت تاريخ اوروبا". "ويؤسفني أن لن يكون هناك ممثل من فرنسا لأن الدول الأخرى سوف تكون هناك." يقول اوليفييه أيضا أن أولاند نفسه،ذو الشعبية المتدنية، لا يريد أن يكون حاضرا في أي نوع من الهزيمة في الوقت الراهن، حتى تلك التي وقعت قبل 200 عاما. وفيما يعقد البعض المقارنات مع استعداد ألمانيا العام الماضي للمشاركة في احتفالات الذكرى السبعين لعملية إبرار الجنود من السفينة نورماندي، يقول أوليفييه إن الحالة مختللفة هنا. مضيفا "إن الفرنسيين لا يوجد لديهم نفس شعور الألمان بالندم على أفعال هتلر. ونهاية الحرب في هذه الحالة تعني سقوط النازية، ولهذا الألمان لم يكن لديهم مشكلة في ذلك ". من جانبها لم تكترث وزارة الخارجية الفرنسية بكل هذه الضجة، ببساطة أجاب المتحدث الرسمي على أسئلة على الحضور عن مسألة واترلو بأنه لا يوجد "سبب موضوعي" لعدم الحضور، وأن الرئيس لن يتمكن من الحضور بسبب ارتباطات أخرى. وهذا يتعارض مع موقف فرنسا الرافض لطبع عملة تذكارية في منطقة اليورو إحيائا للذكرى، فقد أرسل الرئيس أولاند إلى مجلس أوروبا أن هذه الخطوة ستكون "رمز لكل ما هو سلبي (..) وستولد ردود فعل سلبية في فرنسا" الكاتب البريطاني ستيفن كلارك، الذي أصدر كتاب جديد بعنوان "لماذا فاز الفرنسيون في معركة واترلو (أو يعتقدون كذلك)" يعتقد أن الفرنسيين ليس لديهم الاستعداد لاحياء ذكرى المعرمة، وهذا له اسبابه. مضيفا "لديهم حالة كبيرة من الإنكار (..) هناك مناهج مدرسية تدعي أن نابليون قد فاز في المعركة". وشدد كلارك على أن الفرنسيين لا يريدون الاعتراف بالهزيمة قائلا "انهم سعداء جدا للاحتفال بنهاية الحربين العالميتين، والتي يرون أنها انتصارات ولكن ليس واترلو". وختم قائلا "إنه لا يزال موضوع مؤلم جدا بالنسبة لهم. نابليون بالنسبة للمواطن الفرنسي سيكون دائما أعظم بطل".