قال خبير عراقي إن سقوط الرمادي في يد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية ليس مجرد نكسة عسكرية فحسب، بل سياسية أيضاً جعلت العبادي في موقف أضعف وفي حاجة لحلفاء إيران في بغداد. فقد كان العبادي قد وافق خلال زيارته الأخيرة لواشنطن على طلب إدارة الرئيس الأمريكي أوباما بالسيطرة على «وحدات الحشد الشعبي» واخضاعها لسلطة الحكومة. أما الآن، فهو بحاجة ماسة لهذه الميليشيات الشيعية لاستعادة السيطرة على الرمادي. وأضاف الباحث بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى علي أديب النعيمي أن العبادي واجه العديد من التحديات السياسية منذ توليه رئاسة الوزراء في سبتمبر 2014، إذ غادر سلفه نوري المالكي تاركاً ورائه إرثاً من التوتر الحاد بين الأطراف السياسية في العراق. وقد شكل تقدم تنظيم «داعش»، إلى جانب ضعف أداء الجهاز الحكومي الفاسد، عبئاً على حكومة العبادي. وفي تقريره المنشور على موقع المعهد والذي حمل عنوان "كيف نستفيد من سقوط الرمادي" أشار النعيمي إلى استمرار المالكي وعدد من قادة «وحدات الحشد الشعبي» في العمل على إضعاف رئيس الوزراء لكسب المزيد من القوة داخل التحالف الشيعي وفي صفوف المجتمع الشيعي العراقي. وبالتالي، فإن الهزيمة الأخيرة في الرمادي تصب في مصلحتهم، لأنه يمكنهم الآن رسم صورة للعبادي - في نظر مؤيديه الشيعة الخائفين - على أنه زعيم هش ومساوم وضعيف في وجه السنّة والأكراد. ويعتبر الشيعة في الغالب أن إيران توفر لهم الحماية، وأن «وحدات الحشد الشعبي» هي القوة الوحيدة القادرة على هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية». ويقارن التقرير بين الدعم الذي تقدمه طهران للمليشيات الشيعية والدعم الذي تقدمه واشنطن لحكومة بغداد، معتبرا أن كفة إيران ترجح بشكل واضح، في حين يبدو أن الأمريكيين مترددين وبطيئين في تقديم المساعدة. وإذا كانت الولايات المتحدة ملتزمة حقاً بمنع الإيرانيين من كسب قوة أكبر في العراق، فعندئذ لن يكون تقديم الدعم الجوي فقط للقوات العراقية كافياً، في الوقت الذي يتم فيه الضغط على العبادي للحد من نفوذ «وحدات الحشد الشعبي»، إذ إن رئيس الوزراء ببساطة ضعيف جداً ليقوم بذلك. ويتعرض العبادي لعقبات في الشمال أيضاً. فبينما أظهرت حكومته رغبة حقيقية في حل مشاكلها مع «حكومة إقليم كردستان»، من خلال التوصل إلى تفاهمات حول عائدات النفط وتحويل الأموال من قبل الحكومة العراقية الاتحادية، لا تزال هناك عدة قضايا عالقة؛ منها على سبيل المثال، سماح الكونغرس الأمريكي بإرسال الأسلحة مباشرة إلى الأكراد نظراً للتهديد الذي يشكله تنظيم «الدولة الإسلامية»، وهو قرار رفضته بغداد بشدة. وأكد التقرير على أن نتائج المعركة التي ستخوضها «وحدات الحشد الشعبي» والعشائر السنية في محافظة الأنبار يجب استخدامها سياسياً لنزع فتيل الطائفية وبدء مرحلة جديدة من تقاسم السلطة. وهذا من شأنه أن يعزز معنويات الجيش العراقي، ومع تعزيز التعاون بين السنة والشيعة، فقد يسمح للحكومة بكسب ثقة أولئك السنّة الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية». وهذا النوع من التفاهم سيتطلب جهوداً جادة، ولكن تحقيقها قد ينقذ العراق من التفكك.