ماذا يعني أن يتصدر خبر تحول نجم أميركي من رجل لامرأة، واجهة التفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي عالميًا؟ قبل أيام خرج بروس جينير والد النجمة الأميركية المثيرة كيم كاردشيان، وعائلة الكاردشيان الشهيرة، بجملة هي: «نادوني باسم كايتلين» على غلاف مجلة «فانيتي فاير» متحولاً بالكامل إلى امرأة جالسة بطريقة مثيرة، وترتدي ملابس نوم ساخنة. ليس المهم هنا النقاش الأخلاقي القانوني لتحول رجل لامرأة، أو العكس، أتحدث عن التحول الرغبوي، وليس بسبب عيب عضوي، فهذا نقاش قديم جديد في الغرب، ومثله نقاش زواج المثليين. قضايا ترف تخص المجتمعات الغربية بالدرجة الأولى، ولا يعني هذا عدم وجود الرجال المتأنثين والنساء المسترجلات، في المجتمعات الأخرى، لكن النقاش السياسي والقانوني والإعلامي حول هذه المسائل، خصوصية غربية. الحديث هنا هو تكملة الخبر، حيث تقول الأنباء إن الوالد الموقر الذي صار ليدي مثيرة، اسمها كايتلين، بدل بروس، حين فتح، أقصد فتحت، حسابها الجديد على «تويتر»، وخلال لحظات تم تداول رسالتها الأولى أكثر من 213 ألف مرة. حققت كايتلين جينير الرقم القياسي لأسرع نمو يسجله حساب في «تويتر»، وحسب موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، حطمت جينير التي يتابع حسابها مليون مستخدم خلال أربع ساعات وثلاث دقائق الرقم القياسي الذي حققه الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي استغرقه الأمر نحو 5 ساعات للوصول إلى هذا العدد على «تويتر». كتبت كايتلين في تغريدتها الثالثة على «تويتر»: «رقم قياسي آخر في الخامسة والستين؟ لم أكن أتوقع ذلك أبدًا»، معربة عن فخرها بالدعم الذي تلقته، بداية من العائلة الموقرة، التي تعيش أصلاً تلفزيون واقع مستمر. وهنأه الرئيس أوباما نفسه، كما أعلنت محطة «إيه بي سي» أن جينير سيمنح، أو تمنح، جائزة آرثر آش للشجاعة. ما يهم هنا هو الإشارة إلى مستوى الفراغ والتفاهة التي تهيمن على فضاء السوشل ميديا، وكيف أن هذه المنصات وفرت بيئة جاذبة لرواج التفاهة والانشغال بها، لتعويض العجز عن العمل الجاد، والاهتمامات الحقيقية. نحن، العالم كله، نعيش في كوكب تفاهة اسمه السوشل ميديا، قضايا تشتعل وتخمد بسرعة، حملات تبدأ وتنتهي في نفس الوقت، والبشر منهمكون منشغلون، ذائبون في بحر التفاهة هذا. نتج عن ذلك نتائج سيئة، على مجمل النشاط العام، وتخريب منهجي للذوق، والأخلاق، والتربية على محبة العلم والمعرفة. وتعويد على الجرأة والتهور والسفه. نعم، الأنظمة التربوية والتعليمية السائدة، خاصة في العالم العربي، لا تمنح الفرد عمقًا ولا حصانة، ولا تكسبه صفات المحبة للعلم والعدل. غير أن هذا الداء قديم، قبل انفجار سيل العرم الإنترنتي، ومع طوفان تطبيقات التواصل الاجتماعي هذه، تضاعف الداء، واستعصى الدواء. سيكتشف الناس، بعد حين من الدهر، كما خربت هذه التطبيقات السلم العام، والسلام الأهلي، وكم عمقت من دركات التفاهة. حتى ذلك اليوم، لا عاصم من طوفان التفاهة إلا جبل الخلاص الفردي.