" سوريا هي حجر الزاوية في المعادلة الإستراتيجية للصراع في الشرق الأوسط. فالأزمة السورية لديها امتدادات مهمّة ليس فقط في لبنان وإسرائيل، ولكن أيضا فيما يتعلّق بتركيا والأنظمة الملكية في بلدان الخليج الغنية بالثروات النفطية. سوريا توجد ايضا على مفترق الطرق في كل الإنقسامات الإقليمية وستكون لتسوية الأزمة في سوريا تداعيات في جميع أنحاء المنطقة. " يقول محمّد رضا جليلي، الخبير في الشؤون الإيرانية والأستاذ الفخري في معهد الدراسات العليا للعلاقات الدولية ودراسات التنمية في جنيف، لمراسل سويس انفو في لقاء معه ،عن مشاورات جنيف التي أطلقتها الأمم المتحدة هذا الأسبوع وأهمّ مستجداتها ، وهو مشاركة إيران فيها لأوّل مرة. والتي يُتوقّع أن تستمرّ هذه المناقشات حتى 30 يونيو بالمقرّ الأوروبي للأمم المتحدة بجنيف تحت إشراف المبعوث الخاص للأمم المتحدة في سوريا، وأن تشمل 40 مجموعة سورية، و20 جهة فاعلة إقليميا ودوليا. ويقول ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا في مؤتمر صحفي "أن الأمر لا يتعلّق بمؤتمر دولي ثالث في جنيف حول الأزمة السورية، وقال: "سوف أستقبل كل وفد على حدة. في بعض الأوقات من الأفضل العمل بتؤدة. والهدف هو التعرّف على ما طرأ فعلا من تغيير على أرض الواقع منذ اعتماد إعلان جنيف 2، وإن كانت هناك حاجة لجولة محادثات ثالثة". ويقول محمّد رضا جليلي في رده على تأثير إيران على نظام الحكم في دمشق :" لإيران من الوسائل ما يُعادل ما لدى روسيا للضغط على حكومة بشّار الأسد، نظرا لأن إيران هي في الواقع الحليف الإقليمي الوحيد الأهم. وهذا منذ 30 عاما. والمبادلات بين البلديْن متواصلة منذ فترة طويلة. لذلك، أعتقد أن إيران سوف لن تقوم بدور حاسم، إذا ما اقتُرح تغيير الحكومة في سوريا. الآن كل المؤشرات الصادرة عن طهران تلتقي عند فكرة واحدة، وهو أن النظام الإيراني يريد الحفاظ على الأسد في السلطة." ويضيف جليلي عن تعدّيل طهران لسياستها الخارجية في حال التوصّل إلى اتفاق بشأن الملف النووي أن الشخص الوحيد القادر على تغيير اتجاه السياسة الخارجية لإيران هو المرشد الأعلى للثورة، علي خامنئي، المهندس الأوّل للسياسة الإقليمية. والذي لم يتغيّر خطابه كثيرا. وعندما يُسأل عن مستقبل العلاقات مع البلدان المجاورة، يرد بأنه بل قائد ثوري، وليس دبلوماسيا. حاليا ليس لإيران أي مصلحة في تغيير مواقفها في ما يتعلّق بالعراق وسوريا، بل وحتى بالنسبة لليمن ولبنان. وعن إعادة إحياء الإمبراطورية الفارسية، ومواجهة طهران التحالف المتشكّل حول المملكة العربية السعودية يشير يشير جليلي أنه في حال تم التوصّل إلى اتفاق (بين إيران والقوى الخمسة زائد واحد)، لن تتخلى الولايات المتحدة عن المملكة العربية السعودية. في أحسن الأحوال سوف تتبع الولايات المتحدة مع إيران السياسة التي كانت تتتبعها معها في عهد الشاه، أي سياسة الرّكيزتيْن: الإعتماد على إيران وعلى المملكة العربية السعودية في آن واحد. إيران في موقف ضعيف. سياستها التوسعية إلى حد ما بالإمكان أن تلحق بها الضرر في نهاية المطاف. خاصة وأن هذا التوجّه الثوري لا يُنظر إليه كتوجه إسلامي، بل كتوجه شيعي. ويبين أن الخطر الحقيقي الذي يهدد إيران، ليست الولايات المتحدة، أو إسرائيل أو المملكة العربية السعودية، بل الأزمة البيئية الخطيرة. فالمياه تنقص بطريقة مُزعجة للغاية. الإحتباس الحراري تعاني منه بلدان الشرق الأوسط باكملها. ولكن إيران تظلّ أكثرها تضررا منه. لقد جفت جميع البحيرات الإيرانية، وكذلك معظم المياه السطحية والجوفية. وهذا في جزء منه بسبب فشل السياسات الزراعية وسوء إدارة الموارد المائية. ويقول جليلي الموقف الثوري ما زال موجود لدى المرشد والدوائر المحيطة به. لكنه أقلّ أهمية في دوائر أخرى. ويحاول رئيس الجمهورية اتخاذ مسافة من هذا الخط الثوري. حسن روحاني يقدّم نفسه كدبلوماسي أكثر منه كثوري. لكن الشعب الإيراني بإمكانه أن يدفع نحو تليين هذه السياسة الثورية على المدى المتوسط.. إنه يؤيّد بقوة الإتجاه نحو تحوّل سريع في البلاد، ولفتح الحدود، وللتعاون مع الخارج، لكنه يُعاني الآن كثيرا من العزلة التي تعيشها البلاد. عندما تم التوصّل إلى الإتفاق الإطاري الذي وُقّع في لوزان يوم 2 أبريل 2015، نزل المواطنون للإحتفال في الشوارع، قائلين بأنها ليست سوى الخطوة الأولى على طريق تغيّرات أخرى كثيرة قادمة، وذلك بعد 36 عاما من هذه المرحلة الثورية التي تكاد لا تنتهي. هذه الفجوة بين الحاكم والمواطن، حتى الأنظمة المستبدّة تحسب لها حسابا. ويضيف "في الوقت الحالي تروج الكثير من الشائعات حول تدني مستوى الدعم المالي لسوريا، ولكن أيضا لحزب الله، القوة العسكرية الممثلة لإيران في سوريا. إذا تواصلت العقوبات الدولية، سوف تجد إيران نفسها خاضعة لقيود في مجال سياستها الإقليمية ولكن أيضا على المستوى الداخلي. لقد أنتخبت حكومة روحاني من أجل إيجاد حلّ للأزمة الاقتصادية، الحل الذي يمرّ حتما بإيجاد اتفاق بشأن الملف النووي."