في بداية الأسبوع الجاري، خسر حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أغلبيته البرلمانية التي حافظ عليها على مدى ثلاثة عشر عاماً، ونجح حزب الشعوب الديمقراطي في دخول البرلمان لأول مرة في تاريخة . يؤكد سونر چاغاپتاي زميل مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن، أنّه يوجد العديد من الإمكانيات لتشكيل اتئلاف من الناحية النظرية، لافتًا إلى أنّ الخيارات محدودة على أرض الواقع لأن حزب العمل القومي وحزب ديمقراطية الشعوب استبعدا، على الأقل في الوقت الراهن التحالف مع حزب العدالة والتنمية، بينما استبعد حزب العمل القومي من جهته قيام تحالف مع حزب ديمقراطية الشعوب، فضلًا عن التحالفات بين اليسار واليمين غير مرجحة في تركيا. ولفت جاغايتاي إلى أنه من غير الممكن أن نشهد ائتلافًا بين الحزبين اليساريين حزب الشعب الجمهوري وحزب ديمقراطية الشعوب، لأن مجموع مقاعدهما لن يكون كافياً لتأمين التصويت على منح الثقة بالحكومة. وأضاف ورغم أنّ تكوين حكومة ائتلافية بين العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري يمكن أن يحقق الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه في تركيا، والانسجام الاجتماعي من خلال الجمع ما بين الطرفين المختلفين في البلاد إلا أنه قد لا تكون وشيكًا ويشير مدير برنامج الأبحاث التركية إلى أنّ التوافق السياسي يتوجه نحو حكومة أقلية، إلا إذا تمكّن الحزبين اليمينيين - العدالة والتنمية والعمل القومي من تشكيل حكومة يوافق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من خلالها على اتخاذ خطوة إلى الوراء، وهو سيناريو غير قابل للتصديق إلى حد كبير وبيّن أنّه إذا لم يحدث ذلك فستشهد تركيا، انتخابات مبكرة، إذ ينص الدستور التركي على أنه يتعيّن تشكيل الحكومة بعد الانتخابات في مهلة أقصاها خمسة وأربعين يوماً، وإذا لم تحصل أي حكومة على الثقة من البرلمان قبل هذا الموعد النهائي، يجب أن تتم الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة. وبحسب معهد واشنطن كشف چاغاپتاي أنّ بالنسبة إلى السياسة التركية على المدى القصير: تاريخياً، لم تكمل أي حكومة ائتلافية أو حكومة أقلية في تركيا ولايتها، وعادة ما تشهد البلاد أزمات سياسية واقتصادية عندما تفشل هذه الحكومات نتيجة المشاحنات بين الشركاء في الائتلاف. وتابع وإذا دخلت تركيا فترة من عدم الاستقرار السياسي أو الاقتصادي في ضوء حكومة ائتلافية أو أثناء فترة تشكيل الحكومة التي أقصاها خمسة وأربعين يوماً، قد يتجه الجمهور مرة أخرى إلى دعم حكومة حزب واحد، برئاسة حزب العدالة والتنمية، في انتخابات مبكرة. وعلى العكس من ذلك، يمكن للمعارضة أن تصوّر حزب العدالة والتنمية على أنه هو المشكلة، مما يزيد من الدعم الخاص بها في هذه الانتخابات. أما عن السياسة التركية على المدى الطويل يؤكد مدير برنامج الأبحاث التريكة أثبتت النتائج أن تركيا كبيرة جداً ومتنوعة جداً بالنسبة للرئيس أردوغان، أو حزب العدالة والتنمية، أو أي حزب آخر للسيطرة عليها بمفرده، وأصبحت المعجزة الاقتصادية التي بشر بها أردوغان خلال العقد الماضي نقمة عليه، فقد ساعد في جعل تركيا مجتمعاً من الطبقة الوسطى، ولكن هذه الفئة من الناخبين وجدت الآن صوتاً في البرلمان من خلال التحالف الكردي الليبرالي وحزب الشعب الجمهوري. ويشكل الليبراليون أعظم تحدٍ لأردوغان على المدى الطويل. وفي ظل هذا العدد القياسي من النساء (اللواتي يشكلن الآن حوالي 20 % من السلطة التشريعية، والشباب والأقليات العرقية والدينية والسياسية (مثل الأرمن)، فإن البرلمان التركي الجديد سيكون أكثر تنوعاً من أي وقت مضى ولفت چاغاپتاي نتائج الانتخاباتكانت محرجة لرئيس الوزراء أحمد داود أوغلو لأنه أدار حملة لإلغاء منصبه، قائلاً للناخبين "صوتوا لي لكي تتمكنوا من التخلص مني، ثم اجعلوا أردوغان الرئيس الرسمي للحكومة"، لقد فشلت هذه المناورة، لكن لم يكن أمامه أي خيار آخر - فقد أدار أردوغان حملة حزب العدالة والتنمية وأكد أنّ نتائج الانتخابات تشكل فرصة للجناح المؤيد للديمقراطية من الحركة القومية الكردية لكي يتمكن أخيرًا من السيطرة على جناحها الذي مارس العنف. ودخل حزب ديمقراطية الشعوب البرلمان بفضل دعم الأتراك الليبراليين، مما يظهر أن الديمقراطية هي الحل للمظالم التي تطال الأكراد، والأهم من ذلك، أن مستقبل الحركة متداخل مع مستقبل تركيا الليبرالية والديمقراطية