2015-10-10 

للسوشال ميديا والتعليم حكاية تروى

ناصر بن محمد العُمري

اقتحمت السوشيال ميديا ووسائطها المختلفة والمتنامية حياتنا دون إستئذان وشكلت دوائرها بتسارع لانكاد اللحاق به وخلقت حولها حراكا كبيرا بات التعامل معه لأي مؤسسة كانت واقعاً يفرض نفسه . نجحت تلك الوسائط في تقديم نفسها كوسيط تفاعلي متميز ومفيد على مختلف أصعدة الحياة ويأتي الميدان التعليمي كأحد الميادين الحياتية التي تعيش صراعا حقيقيا مع هذا المعطى و بات عليه أن يتفاعل معه بوعي وأن يتحرك بإتجاه هذه الادوات وأن يعمل على تطويعها والافادة منها والتقليل من آثارها السلببة خصوصا وان هناك من يرى فيها (وباء ووبالا مدمرا حل بنا) وهو قول يحمل في معطفه الكثير من جوانب الصحة . ومايجب أن ندركه هنا أنها ليست شرا محضا ولكنها ايضا لاتحمل صفة الخيرية المطلقة فوجودها في حياتنا له وعليه وهو مايلقي بظلاله على مدرسة المستقبل ويزيد من اعباءها. ولكن متى فطنت المؤسسة التعليمية لهاواستطاعت توظيفها جيدا فأنها ستكون فتحا جديدا في مجالات متعدة منها ( أنها توفر تعليم وتعلم تفاعلي – وتساعد في تكوين صورة ذهنية – وفي الوصول إلى رضا المستفيد – وهي سيط إعلامي مؤثر –و وسيلة تواصل فعالة مع أولياء الأمور والطلاب و مع المجتمع المدرسي نفسه – وتستطيع خلق المؤسسة المتعلمة حيث الكل يبث إلى الكل داخل تلك المؤسسة ) ويتبقى على وزارة التعليم أن تتجه نحوها بقوة عبر استراتيجية واضحة وممنهجة وعليها أن تلفت لحقيقة ان هذه الادوات تحظى باقبال كبير وأن طلابها حتى الان يبحرون فيها ويخوضون غمارها بمفردهم ويتعرضون لتأثيراتها دون ان نرى تحركا جادا وفاعلا يخفف من آثار اقتحام الجيل لهذا البحر دون إعداد كاف للمهمة كما ينبغي. من خلال متابعتي المتواضعة والعابرة لتفاعلات المدارس فقد تم رصد العديد من النشاطات التعليمية التي تقدم عبر هذه الوسائط بينها (نشر التعليمات والنشاطات والضوابط الخاصة بالقبول -تسجيل المواد ومواعيد الإختبارات كما تنشر من خلالهابعض أخبار المدرسة المختلفة فضلاً عن كونها أسهمت في إستغلال مواهب الطلاب الكبيرة في هذا المجال فتكونت مجاميع طلابية داخل المدارس تشرف على تلك المواقع وتقدم برامج عمل متميزة في مجال رفع مستوى تعاطي الجيل مع هذا المنتج الجديد والكيفية المثلى للإفادة منه وتقليل الآثار السلبية لها عبر التوعية والتثقيف_ حتى وإن بدت هذه الخطوة خجولة _ ولكنها تعني أن وجود تلك الوسائط أسهمت في خلق دوائر عمل منظمة وتفاعلية وأحدثت حراكا واعيا ومقصودا وموجها يسهم في تشكيل وعي جديد قوامه المدرسة المتعلمة ) . لم يعد مستغرباً أن نرى اليوم تنامياً في أعداد المدارس التي يممت نحو السوشل ميديا وسارعت بإنشاء وتدشين حسابات لها على مواقع التواصل وهي تحاول جاهدة وفق خبراتها ووعي منسوبيها تسخيرها لصالح العملية التعليمية لتحقيق أنماط تعليم وتعلم جديدة منطلقة من هذه الوسائط ومتمحورة حولها . منطقي هنا القول : أن أهمية تلك المواقع والحسابات بمختلف مسمياتها تزداد و الحاجة لها تتنامى في ظل وجود مدارس تعمل بأنظمة جديدة ((كالنظام الفصلي والمقررات )) مع وجود تطلعات بالتحول نحو المدارس الذكية ومدارس سمارت ومن المتوقع أن نشهد المزيد من التغييرات الكبيرة على مستوى وزارة التعليم في قادم الأيام وهنا تقدم هذه الوسائط نفسها كقناة ممتازة وسريعة وفاعلة في هذا المجال. فهي تقوم بخدمات تعريفية عن الأنظمة الجديدة وعن مجمل التغييرات والمستجدات وعن طريقة الدراسة وجميع مايتعلق بمختلف الأنظمة حيث تمكن تلك الصفحات المجتمع المدرسي وولي الأمر والطالب نفسه وأسرته من الإطلاع الكامل على التفاصيل الدقيقة لكل مشروع وتنظيم ونظام جديد يتم طرحه من قبل أصحاب القرار . كما أنها وسيلة متميزة وعملية وفاعلة يمكن أن تقدم للقائمين على المشروعات الجديدة تغذية راجعة حول تلك المشروعات من خلال إستطلاعات الرأي والاستبانات فضلا عما تقدمه للمدرسة نفسها من خدمة في مجال تقويم وتطوير برامجها والحكم على أداءاتها . الطلاب أنفسهم قد يجدون على اليوتيوب والانستغرام ( مواد أنفو جرافيك وآخرى مسجلة وأفلام منوعة ) تعزز من مهارات التعلم الذاتي والبحث عن مصادره وتصنع الطالب الباحث وهي غاية ترنو لها النظم التعليمية الفاعلة. وقد لمست تطوراً في محتوى حسابات بعض المدارس فهي لم تكتف بالجوانب الإعلامية والإخبارية بل أستغلت حساباتها لبث العديد من التنبيهات والرسائل التوعوية و التقارير حول البرامج التي تقيمها والزيارات التي نفذتها وزيارات الإشراف التربوي والقيادات التربوية للمدرسة كما ترفع على صفحاتها بشكل متتابع جميع مايتعلق بسير العمل في المدرسة وهذا وعي نحتاجه وإن كان في مجمله لايشكل سوى خطوة في طريق الألف ميل ، كما أني وجدت مدارس آخرى خطت خطوات جيدة في مجال ((تطويع السوشال ميديا لتطوير أداءات المعلم )) . عبر التطوير المهني ورفع الأداء للمعلم في مجالات عدة أبرزها الأداء الصفي وسعيها لتحقيق مفاهيم التعلم التفاعلي الذي يتخذ من الوسائط التقنية وسيطاً له بحيث يتم تسجيل مواد تكون بمثابة دروس نموذجية لمختلف التخصصات تلك الدروس مثلت نماذج متميزة للأداءات الصفية وتفيد الطلاب والمعلمين في كيفية تقديم دروسهم بشكل أكثر جاذبية وهي من أفضل طريقة لتطوير أداء المعلمين ويمكن أن تتطور لوكان هناك إلتفاتة حقيقية من قبل الجهات المعنية بالتدريب والإشراف التربوي على المعلم حيث تشكل هذه الطريقة لبنة تطوير مهمة وفاعلة وعملية في مجال تطوير الأداء المهني للمعلم . ومع هذه الخطوة تحديداً ((سيتحول الطالب إلى مشارك حقيقي في تجويد عمليات التدريس والأداء الصفي لمعلمية )) لأنه بات مؤهلاً كونه قد شاهد أداءات صفية متميزة لمعلمين آخرين وكوّن فكرة كافية تمكنه من معرفة الطريقة المثلى لشرح درس ما لن يقبل معها من معلميه أداءات منخفضة . ومن هنا يمكننا القول أن مواقع المدارس على الشبكة العنكبوتية وحساباتها على السوشل ميديا من الممكن أن تخلق واقعاً جديداً كونها رافدا حديثاً للتعليم والتعلم لكنها تفتقر إلى الرؤية الواضحة والاطار الموحد والاستراتيجية المنظمة للعمل ومتى علمنا أن المعطى التقني فرض نفسه بما يقدمه من تطبيقات تجمع بين السهولة وشيوع الإستخدام والسرعة. وإستخدام الوسائط الحديثة ووسائط الإعلام الجديد وتطبيقاته كالفيس بوك والتويتر والإنستغرام والسناب شات واليوتيوب والويكي ونحوها كوسيط تربوي أصبح ضرورة ملحة وأكثر من أي وقت مضى فهي تتيح لنا تواصلاً أسرع وتتناسب مع إيقاع العصر وتأتي ضمن تفضيلات الجيل وتجعلنا نشعر أن دور التعليم تعيش إيقاع العصر وتتناغم مع متغيرات الزمن بوعي متقدم . وبما أنها بكل هذه الإمكانات فأني أتساءل لماذا لاينصب الإهتمام على هذه الوسائط لتكون هي محور التطوير ومنطلقه الأول ووسيطه الأهم ومتى نتفاعل بوعي مع هذه الأدوات ؟؟!!!

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه