تمر اليمن خلال الاسبوعين بأزمة سياسية وأمنية شديدة ربما لم تشهدها البلاد منذ إندلاع الثورة اليمنية في ابريل 2011، أدت إلى تعليق سفارات دول غربية وخليجية لعملها بالعاصمة اليمنية وسط التوتر المشهود بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، وإصدارهم لإعلان دستوري عصف بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني. فضلا عن الأزمة الاقتصادية التي يشهدها البلد المضطرب أمنيا وسياسيا، الأمر الذي أدى إلى سحب مستثمرون خليجيون استثمارتهم من اليمن. وصرح عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس الغرف السعودية،اليوم الأحد لجريدة " عكاظ "عن تجميد مشاريع واستثمارات في اليمن، وعن توقف التفكير في استثمارات سعودية قادمة في اليمن في ظل الظروف التي تعيشها اليمن. وأوضح أن الاستثمارات السعودية في اليمن كبيرة جدا ، وأشار أن المستثمر السعودي يعد أكبر المستثمرين في اليمن ومصر والمغرب وتونس وسوريا والسودان . وتأثرت معظم هذه المناطق بسب العنف الدائر فيها. وأضاف الزامل أن أبرز المشاريع السعودية الكبيرة في اليمن تتركز في مصانع أسمنت وأسماك وسجاد بالإضافة إلى العديد من الاستثمارات التي بدأها مستثمرون سعوديون في اليمن. وكشف أعضاء في مجلس الغرف السعودية، عن توقف أكثر من 100 مشروع استثماري سعودي في اليمن، بسبب الصراع الدائر هناك، وغياب الأمن وعدم الاستقرار السياسي. وتشكل الاستثمارات الخليجية في اليمن نحو 80% من حجم الاستثمار الأجنبي،وتنقسم إلى قسمين، أصول واستثمارات ثابتة. وتسثمر الحكومة السعودية مبالغ كبيرة في اليمن في عدد من المشروعات الحيوية الكبيرة وفي البنية التحتية، فضلا عن تقديمها قروضا، ودعما للحكومة اليمنية تراوحت بين 3 و4 مليارات دولار"، ويذكر أن أغلب الأموال المتدفقة على اليمن كانت عبارة عن دعم حكومي من قبل بعض الحكومات العربية، وتحديدا الخليجية التي تعادل 70%، منها بهدف دعم الاقتصاد اليمني واستقرار الوضع السياسي فيها وقال مستثمر سعودي، إن تردي الطلب وضعف القوة الشرائية لليمنيين وتنامي أعمال النهب والتخريب، دفعت بالكثير من المستثمرين السعوديين إلى إعادة النظر في استثماراتهم هناك، فيما توقف آخرون عن ضخ المزيد من السيولة في مشاريعهم القائمة في عدة مدن يمنية و طالب الاقتصادي الدكتور عبدالله المغلوث الجهات المسؤولة عن تنمية الصادرات أن تعين للمستثمرين دولا بديلة للاستثمار فيها، في ظل ما تشهده اليمن من اضطرابات سياسية وقال محمود جمجوم محلل اقتصادي أن المستثمرين السعوديين يشعرون بالخوف في اليمن، ويخشون أن تسوء الأمور أكثر، خصوصا في ظل عدم قدرتهم على سحب استثماراتهم أو الخروج من السوق وقال سعيد البسامي، مستثمر سعودي وعضو غرفة جدة، يؤكد من ناحيته توقف الناقلات بين السعودية واليمن، مشيرا إلى أن ذلك عائد إلی تخوف الناقلين وحرصهم علی ناقلاتهم وخوفا عليها من النهب وهو قرار شخصي من الناقلين الذين فضلوا عدم تحريك ناقلاتهم في اتجاه اليمن. وتابع، "أغلبية الناقلات هنا متوسطة وناقلون أفراد وناقلون صغار، ونحن لا نعرف ما الوضع الذي ستؤول إليه الأمور ولكن أي مستثمر لن يعمل إلا في وضع مستقر أمنيا واقتصاديا لضمان أمن الناقلات". وقال رئيس دائرة الإحصاء في هيئة الاستثمار اليمنية، ذياب صالح، في تصريح خاص، إنه "تم تسجيل مشروع خليجي واحد في المجال التعليمي خلال النصف الأول من العام الماضي، وبعد سيطرة الحوثيين لم يتم تسجيل أية مشاريع". وتوقع رئيس المرصد الاقتصادي للدراسات والاستشارات في اليمن، «يحيى المتوكل»، في تصريحات سابقة له، استمرار هروب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية من اليمن، وهو ما يضغط على العملة المحلية، ويُخلّف كوارث اجتماعية هائلة نتيجة ارتفاع معدلات البطالة، خاصة في ظل عدم قدرة القطاع الخاص اليمني على استيعاب أعداد العمال الكبيرة التي تندمج حاليًا في الشركات الأجنبية. وتوقع «المتوكل» انخفاض الدعم على المشتقات النفطية، فضلًا عن انخفاض تحويلات المغتربين اليمنيين من الخارج، والتي تمثل نحو 90% من إجمالي التحويلات الجارية . وأثارت تحركات جماعة الحوثيين، التي سيطرت على العاصمة صنعاء وعدة محافظات يمنية منذ سبتمبر الماضي، وإصدارها يوم الجمعة الماضي إعلانا دستورياً يقضي بحل البرلمان وتشكيل مجلس وطني انتقالي ومجلس رئاسي، مخاوف من اتساع نفوذها وتعاظم دائرة الاضطرابات ويُشار أن عدد اليمنيين الذين هم في حاجة إلى مساعدات إنسانية قد بلغ أكثر من 14 مليون يمني بنهاية العام الماضي، بينهم أكثر من مليون ونصف مليون طفل، وفقًا لتقديرات الأمم المتّحدة أخيرًا، مقارنة بنحو 8 ملايين يمني في عام 2011. هذا وارتفعت مؤشرات الفقر في اليمن، وفق البيانات الرسمية، إلى نحو 35%، وبلغ مستوى البطالة 47%. وحول ذلك حذر محللون اقتصاديون من أن عدم الاستقرار والنزاعات الداخلية كانت لها تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني، نتيجة توقف عملية التنمية وتدمير البنية التحتية.