الموجة المهولة من التفاعل التي حصلت بعد حلقة مسلسل حلقات «سيلفي» الذي يعرض على شاشات إحدى المحطات الفضائية خلال شهر رمضان المبارك كانت صادمة لما احتوتها من كم هائل من السباب واللعن والتكفير والتهديد الصريح والعلني بالقتل بحق بطل العمل الدرامي الممثل السعودي ناصر القصبي، وكاتب العمل خلف الحربي، والتفاعل الأهم كان بخصوص حلقتين تعرضتا للتنظيم الإرهابي المعروف باسم «داعش» واللتين تبنى فريق العمل اسما لهما «بيضة الشيطان». كانت الحلقتان أشبه بالصدمة الكهربائية، فلقد عرت تمامًا وحشية هذا التنظيم وفكره المدمر الخطير، وهبت مئات الأسماء تهاجم أصحاب العمل بحجة إهانة «الدين» و«رموزه»، والغريب أن الكثير من المهاجمين كانوا ينددون بـ«داعش» وأفكاره ويقولون إنها ليست من الإسلام في شيء، ولكن على ما يبدو أن هذه الأقوال لم تكن عن قناعة أبدا. وناصر القصبي «تعود» على هذه النوعية من المواجهات، فهي ليست بجديدة عليه أبدًا، فهو واجه نفس هذه التيارات إبان تقديمه لحلقات مسلسل «طاش ما طاش» المعروف، فلقد كان وقتها وعلى مدى فترة طويلة جدًا من سنوات المواجهة مع المتشددين ومن بعدها المتطرفين ومن بعدها الإرهابيين وصولاً لـ«القاعدة» ولكنها كلها مجاميع على نفس الفكر والمبدأ المتشدد وبالتالي المشهد ليس بالجديد أبدًا. عمومًا من المهم القول إن هناك تطورًا نوعيًا هذه المرة في معالجة قضية الإرهاب والتشدد، فهذه المرة كان حضور خلف الحربي واضحًا بفكر درامي وسيناريو مدروس بدقة أعطى العمل بعدًا ناضجًا بعيدًا عن الهزل الخفيف وكان الأمر واضحًا في أداء وتمثيل ناصر القصبي المتطور جدًا قياسًا بما كان عليه. والتعاطي الدرامي مع الإرهاب والتطرف ليس بجديد، فلقد قدمت الكثير من الأعمال المهمة من قبل والتي تعاطت مع هذه المسألة، فالكل لا يزال يتذكر فيلم «الإرهابي» لعادل إمام ومسلسل «العائلة» بطولة محمود مرسي ومسلسل «الحور العين» ومسلسل «ما ملكت أيمانكم».. جميعها وغيرها قدمت قضية الإرهاب والتشدد بشكل كوميدي تارة وبشكل جاد تارات أخرى. ولكن المأزق الحقيقي الذي وقع فيه المعترضون على حلقات «داعش» هو كيف يعتبرون هذه الأعمال إهانة للدين ورموزه وهم في آن يقولون إن «داعش» ليست من الإسلام في شيء ويحولون «بوصلة» فضح «داعش» وفكرها إلى مسار مختلف تمامًا وهي التركيز على مهاجمة ناصر القصبي وخلف الحربي والمحطة التي تبث العمل الفني. إنها سياسة تغيير الموضوع بامتياز. لا يمكن أن يكون هناك: ناصر القصبي وخلف الحربي ليسا أول من تعرض لتهديدات المتطرفين في السعودية والعالم العربي، فهناك فئة تعتقد بأنها «تتقرب» إلى الله عز وجل بإهانتهم وتهديدهم بل في أحيان بقتلهم كما حدث مع المفكر المصري المعروف فرج فودة ومحاولة الاعتداء على نجيب محفوظ الذي تعرض لمحاولة اغتيال معروفة. الإرهاب يتم فضحه بصور مختلفة، فلقد تم التعرض للظواهري والبغدادي في حلقات هزلية في تلفزيونات مختلفة، حتى حسن نصر الله زعيم حزب الله الإرهابي تعرض لذات الشيء في التلفزيونات اللبنانية على الرغم من تهديد أنصاره لمن يجرؤ على ذلك، ولكن حصل هذا الأمر وتكرر حتى أصبح معتادًا. الدراما هي أحد أهم أنواع النقد وفضح الإجرام الحاصل باسم الدين والكل مطالب بدعم ذلك.