استطاع النجم ناصر القصبي أن يعيد الدراما السعودية إلى الواجهة مجدداً، وذلك من خلال حلقتين حملت عنوان (بيضة الشيطان) في مسلسل (سيلفي)، حققت ردود أفعال واسعة ليس على المستوى المحلي فحسب، بل امتد الصخب عربياً. ونجح ناصر أن يقنع الرأي العام السعودي أنه الفنان الوحيد القادر على المشي وسط الألغام والأسلاك الشائكة حافياً.. بجرأة الممثل الذي يؤمن برسالته أولاً وثانياً وثالثاً، ويستطيع أن يتحمل من أجل هذه الرسالة صدى الأصوات المزعجة. ناصر في (بيضة الشيطان) عرى (داعش) وقزم فكرها، وفضح أيدلوجيتها على رأس الأشهاد، واستطاع أن ينتزع المشاهد من مكانه ليمسك (السكين) التي وضعها الإبن على رقبة ولده في لحظة (تطهير) لا تتكرر كثيراً في الدراما المحلية أو قل الخليجية، من منكم حبس دمعته في المشهد الأخير؟! لم يكن عقوق الابن الفج (أبو عكرمة) تجاه أباه لا بل الصورة أكثر عمقاً ورمزية، ناصر اليوم كان (الوطن) و(أبو عكرمة) هو الابن العاق لوطنه الذي يود نحره متناسياً كل لحظة عاشها بيننا. ناصر اليوم كان صوته أعلى من منابر التكفير والتفسيق، كانت عباراته تسقط على رؤوس الدواعش حمماً تتلظى. في (بيضة الشيطان) وضعنا ناصر أمام وجوه تعلوها قترة وظلمة، جعلنا ننحاز للإنسان، استجوبهم رويداً رويداً بداية من (أبي سراقة) منظر الفكر المأفون في كل ظهور له تكون الشاشة سوداء قاتمة أظهر لنا أميرهم المزعوم الذي لا يعرف في قاموس البغي سوى جز الرقاب وسفك الدماء، وسبي النساء ولي أعناق النصوص. كشف لنا البيئة التي يعيش فيها هؤلاء متعددي الجنسيات، وقدم لنا بعضاً من أصنافهم بداية من المغرر به (أبو عكرمة) ثم سقط المتاع (أبو سكروب) إضافة إلى المتردد الذي لم يشعر بسوء عاقبته إلا بعد أن تلطخت يداه! وجميعهم للأسف نماذج تحاكي ثلة غرر بهم من أبناء هذا الوطن، أراد الأعداء أن يكونوا حطب نار تستعر لا تبقي ولا تذر. كان المتابع البسيط يشعر بطول المسافة بينه وبين هؤلاء عندما يصعد القصبي لغة الحوار قائلاً:" توني الحين أحس إني دخلت الإسلام"، هذه العبارة بمدلولاتها اللفظية تشعرك بانسلاخ هذه الشرذمة المارقة عن جسد الأمة. وحتى ننظر بإنصاف لم يكن النجاح لناصر فحسب بل منحت (بيضة الشيطان) الكاتب خلف الحربي جواز العبور الأهم لدى المشاهد العربي وبنجاح يفوق (أبو الملايين) رغم اختلاف الزمان والمكان. ووضعت ردود الفعل الواسعة والإيجابية ملف (الدراما والفن) مجدداً أمام صناع القرار، وأن الفن هو القوة الناعمة، و أرقى وسيلة اتصال حضارية، يتفاعل مع مشاعر الناس ويعبر عن مكنونات نفوسهم برقي. يقول ناصر أن (سيلفي) أراد أن يصنع حراكاً من البداية حتى يدخل إلى وجدان الشارع، كون (داعش) هي موضوع الساعة. ونحن نقول منذ سنوات ناصر ورفيق دربه عبدالله السدحان تصديا للقضايا الفكرية وسبقا الصحافة وكتاب الرأي ورفعا سقف النقد، ولم تعد الأقلام ترتعش طالما تكتب بحس وطني تقدمي لا يبحث عن المثالب فحسب. وناصر على وجه الخصوص تحمل تهمة الإساءة للدين عندما ربط الدهماء الدين بالأشخاص، ولم يدركوا أن هناك بون شاسع بين من يسئ للدين ومن يفضح ممارسات الوصوليين ممن يتمسحون به، أفهمتنا اليوم أنه حان الوقت لمشرط الفن أن يؤدي دوره العلاجي والسلوكي طالما أنه يؤثر بعمق يفوق تأثيره المفوهين، والمحللين والمنظرين، ورسالة الفن ليست لقطة مع معجب أو صورة مع منهك على سرير المرض، بل هي رسالة أعم وأدق وأشمل، شكراً ناصر فأنت قامة وقيمة وطنية يجب الاعتناء بها..
" ناصر اليوم كان (الوطن) و(أبو عكرمة) هو الابن العاق لوطنه الذي يود نحره متناسياً كل لحظة عاشها بيننا." اشكرك اخ عماااد على مخيلتك الوااسعة وقرائتك العميقة لذلك المشهد الختاامي المؤثر .. موفق اخي عمااد وبالتوفيق لنااصر ومن افضل لافضل باذن الله وكماا تعلمنااا منذ القدم ان الذي ف القمة محارب